ورب قائل يقول : ان هذه الآية لا تصلح ردا على النصارى فضلا عن انها من أصدق الأدلة ، لأنها دعوى مجردة عن الدليل .. فللنصارى أن يقولوا : ان الله لا يقدر على هلاك المسيح ، ولا المسيح يقدر على هلاك الله ، لأن كلا منهما إله؟.
الجواب : ان المسيحيين متفقون قولا واحدا على أن اليهود قد صلبوا المسيح وآذوه وأماتوه وقبروه تحت الأرض ، وعلى ذلك نصت أناجيلهم ، منها ما جاء في إنجيل متى إصحاح ٢٧ رقم ٥٠ : «وصرخ أيضا يسوع بصوت عظيم وأسلم الروح». وما جاء في إنجيل لوقا إصحاح ٢٣ رقم ٤٦ : «ونادى يسوع بصوت عظيم قائلا يا أبت في يدك استودع روحي ولما قال هذا أسلم الروح». وما جاء في إنجيل يوحنا إصحاح ١٩ رقم ٣٣ و ٣٤ «واما اليسوع فلما انتهوا اليه ورأوه قد مات لم يكسروا ساقيه ، ولكن واحدا من الجند فتح جنبه بحربة ، فخرج للوقت دم وماء» أي خرج من جنب المسيح بعد موته .. وإذا كان اليهود قد أهلكوا المسيح فبالأولى أن يقدر الله على هلاكه وهلاك أمه.
(وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ). ان قولهم هذا تماما كقولهم الذي حكاه الله عنهم في الآية ١١١ من سورة البقرة : (وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى). وتجد تفسير هذه الآية في ج ١ من هذا التفسير ص ١٧٧ و ١٧٨ .. وتجدر الاشارة الى عقيدة الإسلام التي تقول : لا فضل لإنسان على انسان إلا بالتقوى ، وان النطق بكلمة الإسلام من حيث هو ليس بشيء إلا مع العمل الصالح.
(قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ). وتسأل : ان هذا لا يصلح جوابا لليهود والنصارى عن زعمهم بأنهم أبناء الله وأحباؤه ، لأن لهم أن يقولوا : ان الله لا يعذبنا في الآخرة ، وإذا لم يكن لديهم دليل محسوس على عدم عذابهم في الآخرة فلا دليل محسوس أيضا على عذابهم في ذلك اليوم؟.
الجواب : ان المراد بالعذاب ما يعم عذاب الدنيا وعذاب الآخرة .. والله سبحانه قد عذب اليهود في الدنيا على يد الفراعنة ، وبخت نصر والرومان وغيرهم. (انظر ج ١ من هذا التفسير ص ٩١). أما عذاب النصارى فهو أدهى وأمر ،