الحكيم ، وذكرنا عشرات الأمثلة من سيرتهم كشرح وتطبيق للنص القرآني في شأنهم ، ولكن هنا سؤال قد يرتفع إلى مستوى الحيرة والشك حول هذه الآية : (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ).
وحول الآية ١١٢ من سورة آل عمران : (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا). وأجبنا عن هذا السؤال في المجلد الثاني صفحة ١٣٤ عند تفسير الآية ١١٢ من سورة المائدة ، وأيضا أجبنا عنه بأسلوب آخر قريبا عند تفسير الآية ١٥٣ من السورة التي ما زلنا في تفسيرها ، ونشير هنا الى الجواب بإيجاز .. لقد سلط الله من قبل علي بني إسرائيل الفراعنة ، ثم البابليين ، ثم الفرس ، ثم خلفاء الإسكندر ، ثم النصارى.
ومن الطريف ما جاء في تفسير البحر المحيط ان طائفة من النصارى أملقت ، فباعت اليهود الذين في بلدهم لبلد مجاور .. وأخيرا فر اليهود من الذل والنكال لاجئين الى بلاد العرب ، فعاشوا بها آمنين ، ولكنهم نكثوا العهد الذي أعطوه لرسول الله (ص) ، فقتل بعضا ، وأجلى عمر بن الخطاب البقية الباقية ، فتشتتوا في شرق الأرض وغربها موزعين مع الأقليات تابعين غير مستقلين يسمعون الأوامر فيطيعون صاغرين.
وأخيرا أدرك اليهود انه لن يكون لهم اسم يذكر إلا إذا أخلصوا للاستعمار ، ومن أجل هذا باعوا أنفسهم لكل مستعمر قوي ينفذون مؤامراته ودسائسه .. وفي أيامنا هذه ـ نحن الآن في صيف سنة ١٩٦٨ ـ اكتشفت بعض الدول ان المستعمرين أوعزوا إلى يهود أوروبا الشرقية أن يقوموا بمحاولات تهدف إلى سير هذه البلاد في ركاب المستعمرين ، وباشر اليهود بتنفيذ الخطة ، ولكنهم افتضحوا قبل إتمامها وكادوا يجرون العالم إلى حرب ثالثة. وعلى هذا المخطط ، مخطط سير الشعوب في ركاب الاستعمار أوجد المستعمرون عصابة مسلحة من اليهود على أرض فلسطين ، وأطلقوا عليها اسم دولة إسرائيل.
وكل عاقل يتساءل : هل يصح أن تسمى إسرائيل دولة بالمعنى الصحيح ، مع العلم بأنه لو تخلى الاستعمار عنها يوما واحدا لزالت من الوجود؟. وهل من دولة في العالم كله لا تعترف بها دولة واحدة من الدول المجاورة لها؟. وإذا