الاعراب :
فتنقلبوا منصوب بأن مضمرة بعد الفاء لوقوع الفعل في جواب النهي. وما داموا (ما) مصدرية ظرفية ، والمصدر المنسبك بدل بعض من أبدا. وها هنا. (ها) للتنبيه ، وهنا ظرف متعلق بقاعدون. وأربعين سنة ظرف متعلق بمحرمة. وجملة يتيهون حال من الضمير في عليهم.
المعنى :
هذه الآيات حلقة من قصة بني إسرائيل التي ذكرها سبحانه متفرقة في العديد من سور القرآن ، وكرر بعض حلقاتها مرات ، وهي ـ كما ترى ـ ظاهرة الدلالة ، واضحة المعنى:
(وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ). ذكرهم موسى (ع) بنعم الله عليهم تمهيدا لما سيأمرهم به من الجهاد ، وعدّ من هذه النعم ثلاثا : الأولى ان الله جعل فيهم أنبياء. الثانية : انه جعلهم ملوكا ، أي مستقلين يحكمون أنفسهم بأنفسهم ، ولا نعمة أعظم من الحرية. الثالثة : انه عاملهم بما لم يعامل به أحدا من الناس ، فأهلك عدوهم من غير جهاد وقتال ، وأنزل عليهم المن والسلوى بلا حرث ولا حصاد ، وأخرج لهم المياه العذبة من الحجر بلا حفر وتنقيب ، وأظل فوقهم الغمام بلا بناء وعناء.
وبهذه النعم الثلاث نجد تفسير الآية ٤٧ من سورة البقرة : «يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم واني فضلتكم على العالمين». فالتفضيل على أهل زمانهم كان بإرسال الأنبياء منهم ، وباستقلالهم ، وانزال المن والسلوى عليهم ، وما اليه. وبتعبير ثان ان التفضيل لم يكن بالأخلاق والمناقب ، بل بكيفية المعاملة معهم.
(يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ) ـ أي وعد ـ (اللهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ). بعد أن ذكرهم موسى بنعم الله عليهم