وأكملها ، وكلها على مستوى واحد في الحسن ، إذ ليس لله حالات متعددة ، ولا صفات متغايرة ، حتى عند القائلين بأن صفاته غير ذاته ، ولا أفعال متفاوتة ، فخلق جناح بعوضة وخلق الكون بأسره سواء لديه ، يوجد كلا بكلمة (كُنْ فَيَكُونُ) .. ومتى تساوت المعاني تساوت الألفاظ لأنها فرع ، والفرع يتبع الأصل.
(فَادْعُوهُ بِها). أي اذكروا الله ، وادعوه بأي اسم شئتم من أسمائه ، فكلها ألفاظ تعبر عن تنزيهه وتعظيمه على مستوى واحد ، وليس لله اسم أعظم ، واسم غير أعظم ، فكل ما دل عليه هو أعظم الدلالات ، لأن المدلول أعظم الموجودات .. ومن أجل هذا لا نقول مع القائل : ان لله اسما خاصا هو الاسم الأعظم ، وان من عرفه فاضت عليه الخيرات ، وظهرت على يده المعجزات .. وقيل «ان لله تسعا وتسعين اسما ، وان من أحصاها دخل الجنة». حتى كأنّ الله خلق جنته لمؤلفي قواميس اللغة ، لا للمتقين!.
(وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) .. اللحد والإلحاد الميل عن القصد ، ومعنى الجملة النهي عن اطلاق أية كلمة تشعر بالربوبية على غيره ، سواء أكان ذلك الغير نبيا أو كوكبا أو صنما أو أي شيء ، وأيضا لا يجوز اطلاق أية كلمة عليه تشعر بغير الربوبية كالأب والابن.
واختلف علماء الكلام في أسماء الله تعالى : هل هي توقيفية أو قياسية؟. ومعنى توقيفية الوقوف في أسمائه على ما جاء في الكتاب والسنة ، بحيث لا يجوز اطلاق أي اسم عليه إلا إذا نصت عليه آية أو رواية ، ومعنى قياسية ان أي لفظ كان معناه ثابتا في حق الله فيجوز اطلاق هذا اللفظ عليه ، سواء أورد في كتاب الله ، أم لم يرد.
وذهب أكثر العلماء الى أن أسماء الله توقيفية. أما نحن فنجيز مخاطبة الله ومناجاته بكل ما يدل على التنزيه والتعظيم ، سواء أورد له ذكر في القرآن والحديث أم لم يرد ، ولا نمنع إلا عما منع الله عنه ، عملا بالمبدأ القائل : كل شيء مباح ، حتى يرد فيه نهي على شرط التعظيم .. هذا ما تقتضيه الأصول والقواعد العلمية الدينية ، بالإضافة إلى اجماع الأمة قديما وحديثا في كل زمان ومكان على ان لغير العرب أن يعبروا عن ذات الله وصفاته وأفعاله بلغتهم الخاصة بهم.