أن يقول للمشركين : إن كان لأصنامكم شأن كما تزعمون فاني احتقرها وإياكم ، فاستنجدوا بها لكيدي والاقتصاص مني ، ولا تمهلوني لحظة ، فهذا أوان مقدرتها وسلطانها.
(إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ). بعد أن تحدى النبي (ص) المشركين وآلهتهم قال لهم : أنتم تتولون هذه الأصنام ، وأنا أتولى الله الذي نزل عليّ القرآن ، وفيه تبيان كل شيء ، وهو أيضا يتولى حفظي وحراستي ، فهل لأصنامكم كتاب؟. وهل تتولى هي حفظكم وحراستكم؟. وكانت النتيجة ، كما يعرفها الجميع ، إذلال الشرك والمشركين ، وإعزاز الإسلام والمسلمين.
(وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ). تقدم هذا في الآية ١٩٢ ، وجاء التكرار لأن النبي (ص) تحدى الأصنام ان تناله بأذى فناسب أن يشير الى أنها أعجز من أن تنصر أو تنتصر.
(وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا). أيضا تقدم في الآية ١٩٣ والتكرار للغاية نفسها.
(وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ). يدل هذا النص على ان الأصنام كانت تماما كهذه التماثيل في الكنائس ، وان عرب الجاهلية كان لهم شأن في فن النحت لأنهم جعلوا أصنامهم بحيث يتخيل الرائي للوهلة الأولى أنها تنظر وتبصر.
وتسأل : لما ذا كرر الله وأعاد في آيات متلاحقة متلاصقة ان الأصنام لا تضر ولا تنفع ، ولا تنصر ولا تنتصر ، وانه ليس لها أيد ولا أرجل ولا أعين الخ حتى بلغت الآيات تسعا ، مع العلم بأنه يغني عن كل ذلك القول : انها أحجار وكفى.
الجواب : لقد سيطرت الوثنية على تفكير العرب وعقولهم ، وامتزجت بأرواحهم ودمائهم ، لأنهم ورثوها عن الآباء أجيالا وقرونا ، وكان ايمانهم بها أقوى من ايمانهم بالله الذي جعلوها شريكة له .. فلم يكن تغيير شيء من عقيدتهم هذه سهلا يسيرا ، وكانوا يضحون بالنفس والنفيس إذا ذكرها ذاكر بسوء ، فاقتضى ذلك التكرار والتأكيد والإيضاح .. ولنفترض ان واحدا من رجال الكنيسة حاول