المعنى :
(أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ). ان الخلق والأمر لله ، وهو وحده الذي يقول للشيء كن فيكون ، وكل من عداه وما عداه بما فيه الأصنام مفتقر اليه تعالى في أصل وجوده وفي استمراره في الوجود. (وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ) ان النصر والغلبة والاعزاز والاذلال بيد الله ، والأصنام أحجار تبول عليها القطط والكلاب ، فلا تنصر ولا تنتصر (وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَتَّبِعُوكُمْ سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ). هذه الأصنام لا تخلق ، ولا تنصر ولا تنتصر ، ولا تهدي ولا تهتدي ، ولا تدعو أحدا ، ولا تستجيب لدعوة أحد ، ومع كل هذا تعبد!.
(إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ). لقد زعمتم أيها المشركون ان الأصنام آلهة ، والإله ينفع ويضر ، ويعطي ويمنع فاطلبوا منهم لنرى هل يستجيبون لطلبكم؟ (أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها). هذا إيقاظ وتنبيه للمشركين الى أنهم خير وأفضل من الأصنام التي يعبدون ، لأن لهم عقولا تدرك ، وأعينا تبصر وآذانا تسمع ، وأرجلا تمشي ، وأكفا تبطش ، وألسنة تنطق ، وليس للأصنام شيء من ذلك ، فكيف صار الأدون معبودا ، والأكمل عبدا له؟.
وتسأل : ان الواو ضمير للعاقل ، فكيف استعملها القرآن في الأصنام ، وهي لا تعقل ، مثل يخلقون ويبصرون الخ؟.
الجواب : انها تستعمل في العاقل وغيره ، ومن ذلك قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ). وقوله : وكل في فلك يسبحون. ولكن الأكثر استعمالها في العاقل.
(قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ). قل الخطاب لمحمد (ص) ، وواو ادعوا للمشركين ، والأمر فيه للتعجيز ، وشركاءكم أي أصنامكم ، وأصل كيدون كيدوني ، ومثلها فلا تنظرون ، ومحصل المعنى ان الله سبحانه أمر نبيه