رفع صوته بالقرآن فقد ترك المستحب وفعل خلاف الأولى بخاصة إذا كان في المكبر ، وبصورة أخص إذا كان فيه إزعاج للنائمين. (وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ) عن ذكر الله في نفسك ، لأن الذكر باللسان فقط أشبه بكلام فارغ لا معنى له.
ومعنى ذكره تعالى في النفس أن ندرك ان الله وحده هو الخالق الرازق ، والمحيي والمميت ، والمبدئ والمعيد .. وأفضل الذكر إطلاقا أن يتقي الإنسان الاساءة الى أخيه الإنسان خوفا من عقاب الله ، وأفضل منه أن يحسن اليه رغبة في ثواب الله عز وجل ، ونقول من غير تحفظ : ان هذا المعنى هو المقصود من قوله تعالى : (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ) ـ ٤٥ العنكبوت. وقوله : (وَاللهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ) بعد قوله : (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) يؤيد أن الذكر الأكبر هو الإحسان الى عيال الله .. وأخسر الناس صفقة عند الله من يهلل له ويكبر ، وهو يسعى في أرض الله فسادا بالغش والخداع ، ومشايعة الطغاة والمستعمرين ضد عيال الله الآمنين والمستضعفين.
(إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ). قال المفسرون : أراد الله بهؤلاء المسبحين الساجدين ـ الملائكة ، واستدلوا على ذلك ب (عِنْدَ رَبِّكَ) لأن الذين عند الله هم الملائكة .. ويلاحظ بأنه من الجائز أن يكون المراد كل من له مكانة ووجاهة عند الله ، سواء أكان ملكا ، أم بشرا.
واختلف الفقهاء : هل يجب السجود عند تلاوة آية فيها كلمة يسجدون كهذه الآية؟. نقل الطبرسي في المجمع عن أبي حنيفة القول بالوجوب ، وعن الشافعي والإمامية القول بالاستحباب المؤكد.
ويلاحظ بأن الشيعة الإمامية قد أوجبوا السجود على كل من القارئ والمستمع لآيات السجدة من السور الأربع ، وهي ألم تنزيل ، وحم فصلت ، والنجم ، والعلق.