بألسنتنا توكلنا على الله ، ولا أن نترك الأسباب والعمل اتكالا على ان يسخر لنا الأشياء ، ونحن قاعدون ، وانما التوكل ان نسعى كما أمرنا الله راجين التوفيق منه في سعينا مؤمنين بأن العمل شرط أساسي للتوكل ، وانه عبادة وطاعة لقوله تعالى : (فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ) ـ ١٥ الملك .. ان الإيمان والتوكل على الله من غير عمل لا ينبت قمحا ولا يشفي مريضا ، وإلا لم يخلق الله للإنسان يدين ورجلين من أجل العمل .. نعم ، ان الدين الحق ينبت الحب والإخلاص والاستقامة ، وليس الخبز والدواء .. حتى العلم لا يعطينا القمح ، ولا يشفينا من المرض ، وانما يعلمنا كيف نزرع القمح ونصنع الدواء ، ولا يعنيه بعد هذا متنا من الجوع والمرض أو لم نمت ، أما الدين فهو الحريص على حياتنا ومن أجلها يحثنا على العلم والسير على منهجه ، ويعتبر إهماله جريمة إذا أدى الى الفساد والضرر .. ان العلم يرسم الخطوط لحياة راضية مرضية ، وهذا ما يهدف اليه الإسلام ، ومن أجله أمر بالعلم وحث عليه تماما كما أمر بالصيام والصلاة ، ويعاقب من يستغل العلم للنهب والعدوان كما يعاقب من يحرف الدين لمنافعه الشخصية. والخلاصة إذا صح ان الإنسان لا يحيا بالخبز وحده فصحيح أيضا ان الإنسان لا يحيا بالصلاة وحدها.
٤ و ٥ ـ (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ). الأوصاف السابقة من أحوال القلب ، والصلاة والزكاة من أفعال الجسم ، وهما نتيجة حتمية للإيمان بالله ، والخوف منه ، والتوكل عليه .. فتارك الصلاة والزكاة لا يعد من المؤمنين حقا ، والدليل قوله تعالى :
(أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ). أولئك اشارة الى الذين جمعوا بين الصفات الخمس ، والمؤمنون حقا هم الذين ينعكس الإيمان في أفعالهم ، لا في أقوالهم فحسب ، والدرجات عند الله تتفاوت تبعا للجهاد والتضحية ، وأعلاها لمن ينتفع الناس بهم ، ويتحملون الكثير ليعيش عيال الله جميعا في ظل الأمن والعدل والخصب ، والمغفرة التجاوز عن الهفوات والرزق الكريم الجنة.