كره الخروج من المدينة منذ البداية ، ثم أجمعوا على لقاء قريش.
وعندها قال لهم النبي (ص) : سيروا على بركة الله ، والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم ، فتأهبوا لخوض المعركة ، وابتدأت بها قريش ، وكان عددها حوالى الف مقاتل بينهم مائة فارس ، والمسلمون نحو ٣٠٠ ليس فيهم إلا فارس وقيل اثنان. وقتل المسلمون من المشركين ٧٠ وأسروا ٧٠ ، وفر الباقون ، واستشهد من المسلمين ١٤ ولم يؤسر أسير ، وكانت هذه الغزوة أول نصر للمسلمين تغيرت بعدها أوضاعهم ، وانحاز الكثير إلى جانبهم ، وأصبحوا يقابلون القوة بالقوة والعنف بالعنف بعد أن كانوا يتلقونه بالسكوت أو الفرار من الوطن .. بعد هذا التمهيد نشرع بتفسير النصوص.
المعنى :
(كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ). المراد بالبيت المدينة .. حين أراد النبي (ص) الخروج من المدينة لمصادرة العير تثاقل جماعة من المؤمنين ، وقالوا : لا طاقة لنا بقريش ، ثم خرجوا على كره مع من خرج على حب ، وفي أثناء الطريق أخبرهم النبي بخروج قريش من مكة ، واستشارهم : أيمضون للقتال ، أو يعودون الى المدينة ، فكره البعض القتال ، وقالوا : ما كان خروجنا إلا للعير ، وقال الأكثر : نمضي معك للقتال. ثم مضوا جميعا الى المعركة على بركة الله. وهذه الآية تشير الى موقفين لبعض الصحابة : الأول كراهية الخروج من المدينة الى العير. والثاني كراهية المضي لقتال النفير بعد أن خرجوا من المدينة قاصدين العير ، وانهم كما كرهوا الخروج الى العير فقد كرهوا أيضا المضي لقتال النفير .. هذا هو معنى الآية ، وهو واضح وبسيط ، ولكن المفسرين حاروا في تفسيرها ، وذكر صاحب البحر المحيط خمسة عشر قولا.
ومن الطريف ما قاله هذا المفسر في كتاب آخر : انه ذكر في البحر المحيط ١٥ قولا للآية ، ولم يقتنع بشيء منها ، حتى رأى في النوم انه يمشي في رصيف ومعه رجل يباحثه في قوله تعالى : (كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ) فقال له : ما