ثم يلقي بهم في نار جهنم ، كما يفعل الحاطب يحزم الحطب في حبله ، ثم يجعله وقودا للنار : (وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً) ـ ١٥ الجن. (أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) وأي خسران أعظم من أن يكون المرء بلحمه ودمه وقودا لنار سجّرها جبارها لغضبه على من خان ربه وضميره!. اللهم إنا من عذابك خائفون ، وبك لائذون ، وأنت كريم لا تطرد من استجار بكرمك ، ولاذ إلى رحمتك.
(قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ). الخطاب للنبي (ص) يأمره الله به أن يعظ الكافرين ، ويقول لهم : ان باب التوبة مفتوح أمامهم ، وان الفرصة سانحة للانتهاء عن الكفر وعداوة الله والرسول ، فإن تابوا تاب الله عليهم ، لأن الإسلام يجبّ ما قبله ، كما جاء في الحديث (وَإِنْ يَعُودُوا) بعد التبين والتأمين الى عداوة الله والرسول ، والتجمع لحرب الإسلام وأهله ، وانفاق الأموال للصد عن سبيل الله ورسوله (فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ) من أمثالهم الذين كذبوا الرسل وقاتلوهم ، والمراد بسنة الأولين سنة الله فيمن مضى من هلاك الكافرين ونصر المرسلين عليهم : (كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) ـ ٢١ المجادلة.
(وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ). تقدمت هذه الآية مع تفسيرها في ج ١ ص ٢٩٩ الآية ١٩٣ من سورة البقرة.
(وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ). أي فان أعرض المشركون عن بيان الرسول وأمانه فاصمدوا لهم أيها المسلمون ولا تخافوهم ، فان الله ناصركم عليهم ، وحافظكم منهم ، وهو خير الحافظين والناصرين.