يحرقوا من أموالهم البلايين.
٥ ـ (وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ). هذا ترغيب في انفاق المال الذي لا بد منه لإعداد القوة الرادعة. وتقدم الكلام عن ذلك في ج ١ ص ٣٠١ عند تفسير الآية ١٩٦ من سورة البقرة ، وج ٢ ص ١٠٧ عند تفسير الآية ٩٢ من آل عمران.
٦ ـ (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ). السلم عام يشمل ترك الحرب بالهدنة والصلح ، وبدفع الجزية ، والدخول بالإسلام ، وقوله تعالى لنبيّه : (فَاجْنَحْ لَها) هو أمر حتم بمسالمة كل من يسالم كائنا من كان إلا إذا دلت الدلائل القطعية على أن سلمه مكر وتمهيد للوثبة والاغتيال على غرة.
وينبغي أن نفهم ان المراد بالسلم في الآية سلم الجميع من قاتل ومن لم يقاتل ، وليس سلم الأطراف المتنازعة فحسب ، كالتعايش السلمي بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الذي تسللت هذه من خلفه لتدبير المؤامرات والانقلابات لصالحها في الدول المحايدة ، وضرب الحريات في آسيا وافريقيا وأمريكا اللاتينية لتزيد من أرباح شركاتها الاحتكارية على حساب دم الشعوب وخبزها ومستقبلها.
وتسأل : قال سبحانه في هذه الآية : (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها). وقال في الآية ٣٥ من سورة محمد : (فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ). فما هو وجه الجمع بين الآيتين؟.
الجواب : لا منافاة بينهما ، فالأولى تأمر المسلمين أن يسالموا من يسالم ، والثانية تشد من عزائمهم ، وتقوي فيهم الروح المعنوية ، وتنهاهم عن الانهيار والفرار من العدو ، ويؤيد ذلك قوله تعالى : (فَلا تَهِنُوا). وقوله : (وَاللهُ مَعَكُمْ). فهذه الآية ، وهي فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم تماما كالآية ١٠٣ من سورة النساء : (وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ ما لا يَرْجُونَ).
٧ ـ (وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ). ضمير الخطاب موجه للنبي (ص) ، وضمير الغائب في يريدوا