أما هذا التفسير فبعيد عن ظاهر اللفظ. وتكلمنا عن نظير هذه الآية ، وعن المصلحة المشتركة بين كثير من اليهود والنصارى في هذا العصر عند تفسير الآية ٥١ من سورة المائدة بعنوان اليهود والبترول والنصارى.
(إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ). إلا هنا مركبة من كلمتين إن الشرطية ، ولا النافية ، والهاء في تفعلوه تعود إلى النصر في قوله : (فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) والمعنى انكم أيها المسلمون إن لم تنصروا من استنجد بكم من المسلمين على الكافرين الذين حاولوا أن يفتنوه في دينه ، ويردوه إلى الشرك ، إن لم تنجدوه تكن فتنة وفساد بتسلط الشرك على الإيمان والباطل على الحق.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ). ذكر سبحانه في الآية السابقة المهاجرين والأنصار بهذا اللفظ لبيان ما يجب على كل واحد منهم تجاه الآخر من الدفاع والمناصرة ، ثم أعاد هنا للثناء عليهم بقوله : (أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا) ولبيان شأنهم ، وما أعد الله لهم غدا من العفو عن السيئات والثواب الجزيل الذي عبّر عنه بقوله : (وَرِزْقٌ كَرِيمٌ).
وما قرأت شيئا أبلغ من وصف الإمام زين العابدين (ع) للمهاجرين والأنصار وهو يناجي ربه ، ويطلب لهم الرحمة والرضوان بقوله :
اللهم وأصحاب محمد خاصة الذين أحسنوا الصحابة ، وأبلوا البلاء الحسن في نصره وكاتفوه وأسرعوا إلى وفادته ، وسابقوا إلى دعوته ، واستجابوا له ، حيث أسمعهم حجة رسالاته ، وفارقوا الأزواج والأولاد في إظهار كلمته ، وقاتلوا الآباء والأبناء في تثبيت نبوته ، وانتصروا به ، ومن كانوا منطوين على محبته يرجون تجارة لن تبور في مودته .. فلا تنس لهم اللهم ما تركوا لك وفيك .. وكانوا مع رسولك لك اليك.
ـ ملحوظة ـ هذه المناجاة جاءت في الصحيفة السجادية التي تعظمها الشيعة ، وتقدس كل حرف منها ، وهي رد مفحم لمن قال : ان الشيعة ينالون من مقام الصحابة.
٤ ـ (وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنْكُمْ). هؤلاء هم الذين آمنوا بالله ورسوله ، وهاجروا إلى المدينة ، وجاهدوا بأنفسهم وأموالهم