الإعراب :
فيها هدى ونور مبتدأ وخبر. والربانيون والأحبار فاعل لفعل محذوف دل عليه الموجود ، أي ويحكم الربانيون والأحبار بما استحفظوا.
المعنى :
(إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ). كل كتاب أنزله الله على نبي من أنبيائه فهو نور يهدي إلى الحق والخير ، والتوراة كتاب الله أنزله على موسى (ع) فهو هدى ونور .. أما توراة اليوم فليست من الله في شيء ، لأنها أبعد ما تكون عن الهدى والنور ، والحق والخير .. إن تعاليمها تقوم على التفرقة العنصرية ، فتجعل اليهود شعب الله المختار ، يباح لهم غزو الشعوب الأخرى. وقتل رجالها ، وذبح نسائها وأطفالها ، ونهب أموالها ، واحتلال ديارها. (أنظر فقرة ١٣ و ١٤ من اصحاح ٢٠ سفر التثنية ـ نقلا عن الأسفار المقدسة لعلي عبد الواحد وافي).
(يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا). أي ان الأنبياء الذين جاءوا بعد موسى كداود وسليمان وزكريا ويحيى كانوا يرشدون اليهود إلى حكم التوراة التي هي هدى ونور ، فيحلون لهم حلالها ، ويحرمون لهم حرامها. وقوله تعالى : (النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا) معناه ان أنبياء الله أسلموا أنفسهم لله ، وحكموا لليهود بحكم الله ، لا بمشيئتهم ، ولا باجتهاداتهم أو أهوائهم ، كما فعل اليهود في عهد محمد (ص) وأرادوا منه أن يحكم في الزاني بما يشتهون.
(وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ). أي وكذلك علماء اليهود وقضاتهم المؤمنون المخلصون كانوا يحكمون بما عرفوا وحفظوا من كتاب الله. (وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ) الضمير في (كانوا) يعود على الربانيين والأحبار ، وفي (عليه) يعود على اليهود ، والمعنى ان أولئك الربانيين والأحبار كانوا يعملون بكتاب الله ، ولا يحيدون عنه ، وليس من شك ان من قدّس قولا والتزم العمل به فقد شهد له بالفعل قبل القول انه حق وعدل.