وفي قلوبهم مرض مبتدأ وخبر ، والجملة صلة الذين. و (فترى) ان كانت بصرية فإنما تحتاج الى مفعول واحد ، وهو الذين ، وعليه تكون جملة يسارعون حال ، وإن كانت قلبية فتحتاج إلى مفعولين ، وعليه تكون جملة يسارعون مفعولا ثانيا. وجهد مفعول مطلق لأقسموا لأنه مضاف إلى الأيمان ، والأيمان بمعنى القسم ، فيكون مثل قعدت جلوسا ، وجلست قعودا.
المعنى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ). يتسع الإسلام لجميع الأديان والأجناس ، لا فرق عنده بين الأسود والأبيض ، ولا العربي والعجمي ، ولا بين المسلم وغير المسلم من حيث المساواة أمام العدالة والقانون .. فلكل إنسان كائنا من كان الحق في أن يعيش بحرية وأمان على نفسه وماله ، ولا سلطان لأحد عليه ما كفّ أذاه عن غيره ، فإن تعدّى وأفسد أقيم عليه الحد .. فإذا أساء المسلم إلى غيره وجب علينا نحن المسلمين أن نمقته ونبرأ منه ، وعلى العدالة أن تردعه وتعاقبه ، وإذا كفّ اليهودي أو النصراني أذاه بسطنا له يد البر والإحسان ، ولو أنكر نبوة محمد والقرآن ، قال تعالى : (لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ. إِنَّما يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) ـ ٩ الممتحنة».
وإذا عطفنا هذه الآية التي رغّب الله بها المسلمين في البر والإحسان إلى جميع الطوائف وأهل الأديان الذين لم ينصبوا العداء للمسلمين ، إذا عطفنا هذه الآية على الآية التي نفسرها ، وجمعناهما في كلام واحد يكون المعنى : يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء إذا نصبوا العداء لكم ، وكانوا حربا عليكم ، أما إذا كانوا وادعين مسالمين فعليكم أن تحسنوا العشرة معهم ، وتعيشوا جميعا متعارفين متآلفين .. بل ولكم أن تبروهم وتقسطوا اليهم ، لأن الله يحب