ودارت في فلكهم ، ونفذت خطط الاستعمار ، وامتثلت أوامر العدوان بعد أن استبان لها ان حياتها رهن بالسمع والطاعة لأوامر الاستعمار ، وتنفيذ خططه ، وإلا تخلى عنها ، وولت إلى غير رجعة .. وإذا عقد المستعمرون وأذنابهم الآمال على مخالب إسرائيل فإنا نعتمد على الله ، وعلى حقنا المشروع ، واستعادة إيجابيتنا استعدادا للمعركة الحاسمة لاسترداد الحق السليب.
(وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ). أي ان من يتولى اليهود والنصارى الذين نصبوا العداء للإسلام والمسلمين فهو بحكمهم يحاسب حسابهم ، ويعاقب عقابهم ، لأن من رضي عن قوم فهو منهم ، وهذه الآية دليل قاطع على ان عملاء الاستعمار الذين يقومون بدور الحارس لمصالحه هم أشد جرما ، وأكثر خطرا من المستعمرين أنفسهم ، أو مثلهم ـ على الأقل ـ لأنهم الركيزة الأولى لاستغلالهم وعدوانهم.
(فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ). يظهر من سياق الآية انها قضية في واقعة ، وحكاية عن حادثة خاصة تتلخص بأن بعض المنافقين المشار اليهم بقوله : (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) كانوا يوالون اليهود الذين يضمرون العداء للإسلام والمسلمين ، ويخطبون ودهم ، وإذا عوتبوا على ذلك قالوا : ما يدرينا أن تدور الأيام ويضعف الإسلام ، وتصير القوة والشوكة لليهود والمشركين على المسلمين ، فإذا لم نحتط من الآن لأنفسنا ونتخذ لنا يدا عندهم خسرنا كل شيء ودارت علينا دائرة السوء ، وهذا هو المعنى الظاهر من قوله تعالى : (يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ) .. وهكذا الانتهازيون يتذبذبون بين جميع الفئات ، حتى إذا كان الغلب لفئة على فئة قالوا لمن غلب : ألم نكن معكم؟ .. وبكلمة ان المنافقين مع الجميع بألسنتهم ، وفي واقعهم لا يستجيبون إلا لأهوائهم : (وَيَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَما هُمْ مِنْكُمْ وَلكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ) ـ ٥٦ التوبة» ، أي يخافون على أنفسهم ومصالحهم.
وتسأل : لما ذا قال يسارعون فيهم ، ولم يقل يسارعون اليهم؟.
الجواب : ان فيهم أبلغ في التأكيد والثبات ، لأن الداخل في الشيء يتمكن منه أكثر من المسارع اليه.