واعترضه سبطه في شرح النافع فقال : وعندي في هذا الجواب نظر ، فإن لفظة «من» وإن أفاد العموم وتناول كل مطلق ، لكن لفظ «طلق» مثبت فلا يفيد العموم على وجه يتناول أقسام الطلاق ، وعموم المطلق يتحقق بتناول اللفظ لكل مطلق أوقع الطلاق بثلاثة ألفاظ ، فلا يجب تناوله لمن طلق ثلاثا بلفظ واحد مرسل ، مع أن المتبادر من قوله «طلق ثلاثا» أنه أوقع الطلاق بثلاث صيغ ، إذ لا يصدق على من قال «سبحان الله عشرا» أنه سبح الله عشر مرات. وبالجملة فهذه الروايات غير دالة على المطلوب صريحا ولا ظاهرا. انتهى ، وهو جيد وجيه كما لا يخفى على الفطن النبيه ، إلا أن آخر العبارة لا يخلو من خزازة ولعله لغلط وقع فيها.
وحق الكلام أن يقال : إذ لا يصدق على من قال «سبح الله عشرا» إلا أنه سبح الله عشر مرات لا أن يقول «سبحان الله» عشرا خاصة ، ونحو ذلك من الألفاظ المؤدية لهذا المعنى ، ويؤيد قوله في حسنة بكير أو موثقته المتقدمة إن طلقها للعدة أكثر من واحدة ، فليس الفضل على الواحد بطلاق ، فإن المراد منها كما هو الظاهر إنما هو تعدد الطلاق. وحينئذ فيحمل عليها إطلاق الأخبار المذكورة ، وكيف كان فإن لم يكن ما ذكرناه هو الأظهر من الأخبار المذكورة فلا أقل من كونه أحد الاحتمالين ، وبه يبطل الاستدلال لقيام الاحتمال.
ومما يدل على كونه واحدة متى تعددت العبارة ثلاثا مثلا وأن الزائد لغو ـ مضافا إلى ما ذكره شيخنا الشهيد من أنه لا نزاع فيه ـ رواية إسحاق بن عمار الصيرفي (١) عن جعفر عن أبيه عليهماالسلام «أن عليا عليهالسلام كان يقول : إذا طلق الرجل المرأة قبل أن يدخل بها ثلاثا في كلمة واحدة فقد بانت منه ، ولا ميراث بينهما ولا رجعة ، ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره ، وإن قال : هي طالق ، هي طالق ، هي طالق فقد بانت منه بالأولى ، وهو خاطب من الخطاب ، إن شاءت
__________________
(١) التهذيب ج ٨ ص ٥٣ ح ٩٤ ، الوسائل ج ١٥ ص ٣١٥ ب ٢٩ ح ١٥.