أقول : تقسيم الموجود الى العلة أعني المؤثر والى المعلول أعني الاثر أيضا من الامور العامة فلهذا ذكره هنا ، ولما ذكر أن المحدث مفتقر الى المؤثر أردفه بذكره ، وقسمه الى المختار والموجب وتقريره أن نقول :
الموجود اما أن يكون مؤثرا في غيره ، أي مفيدا لوجود غيره ، أو أثرا لغيره أي مستفيدا للوجود من غيره ، فان كان الاول فاما أن يكون مع امكان أن لا يؤثر ولا يفيد الوجود ، أو مع امتناع أن لا يؤثر ولا يفيد الوجود ، والاول هو الفاعل المختار ، والثاني هو العلة الموجبة كالنار للاحراق ، وان كان الثاني من القسمة الاولى فهو المعلول. وقد اصطلح المتكلمون على تسمية المؤثّر موجدا وأثره موجودا. والحكماء على تسميتها علة ومعلولا.
[بيان العلل الاربع]
قال : ولا يمكن أن تكون العلة نفس المعلول ، لان المؤثر متقدم ، ويستحيل أن يتقدم الشيء على نفسه ، بل اما جزؤه أو خارج عنه.
أما الجزء فان كان هو الذي باعتباره يحصل الشيء بالقوة ـ كالخشب للسرير ـ فهو العلة المادية ، وان كان هو الذي باعتباره يحصل الشيء بالفعل فهو العلة الصورية كالشكل في السرير.
وأما الخارج فان كان هو المفيد للوجود فهو العلة الفاعلية كالنجار للسرير ، وان كان [هو الذي] لاجله الوجود فهو العلة الغائية كالاستقرار على السرير ، وكل مركب لا بد له من هذه العلل الاربع.
أقول : العلة اما أن تكون نفس المعلول أو جزؤه أو خارجة عنه ، والاول باطل لان العلة متقدمة على المعلول والشيء لا يتقدم على نفسه ، فبقي أن تكون اما جزؤه أو خارجة عنه.