أما الصغرى فلان العلم الضروري التجربي حاصل بأن الناس اذا كان لهم رئيس مطاع فيهم يخافون سطوته يمنعهم من المعاصي ويتوعدهم عليها ويحملهم على الطاعات ويعدهم عليها ، كانوا الى الطاعات أقرب ومن الفساد أبعد ، وذلك معنى اللطف ، فتكون الامامة لطفا. وأما الكبرى فقد تقدمت بيانها.
ان قلت : ان الكبرى هنا ممنوعة ، وذلك لان اللطف على قسمين : من فعل الله تعالى ، ومن فعل المكلف ، فالذي يجب فعله على الله هو الاول لا الثاني ، فلم قلت ان الامامة من القسم الاول؟ ولم لا يجوز أن تكون من القسم الثاني؟ [بمعنى أن المكلفين يختارون لهم إماما بالمعنى المذكور ، فيكون نصبه واجبا عليهم لا عليه تعالى].
قلت : الجواب من وجهين : الاول : انا سنبين أن العصمة شرط في الامام ، وهي أمر خفي لا اطلاع (١) لاحد عليه الّا لعلّام الغيوب ، فلا يكون نصب الامام الّا منه.
الثاني : أن الامامة لو كانت بالاختيار والتفويض الى الامة لزم وقوع الفساد والهرج والمرج.
[الجواب عن القائلين بعدم وجوب نصب الامام]
قال : لا يقال : اللطف انما يجب اذا لم يقم غيره مقامه ، أما مع قيام غيره مقامه فلا يجب ، فلم قلتم أن الامامة من قبيل القسم الاول؟ أو نقول : انما يجب اللطف اذا لم يشتمل على وجه قبح ، فلم لا يجوز استعمال الامامة على وجه قبح لا يعلمونه؟ ولان الامامة انما تكون لطفا اذا كان الامام ظاهرا مبسوط اليد
__________________
(١) فى «ن» : لا يطلع عليه غير علام الغيوب.