فجاز أن يقال في حق المكلف بالتفريق وفي غيره بالعدم المحض ، لعدم محذور يلزم من ذلك ، هذا ان قلنا بامتناع اعادة المعدوم.
[كيفية اعدام الاجسام]
قال : والحق جواز استناد الاعدام الى الفاعل لا الى ضد هو الفناء ولا الى نفي فعل البقاء ، لما تقدم من بطلانهما.
أقول : اختلف القائلون بعدم الاجسام في كيفية أعدامها ، ويرجع حاصل الاقوال الى أن الاعدام : اما بالفاعل ، أو بطريان الضد ، أو بانتفاء الشرط. ووجه الحصر أن المعدوم : اما بذاته ، أو بواسطة ، والواسطة اما وجودية أو عدمية.
فالاول هو الاعدام بالفاعل ، وقد قال به القاضي أبو بكر في أحد قوليه ، وقريب منه قول أبي الهذيل ، فانه قال : ان أعدامه بأن يقول له «افن» فيفنى ، كما أن ايجاده بأن قال له «كن» فيكون. وقال النظام : ان الاجسام غير باقية ، فاذا أراد الله عدمها لم يوجدها بعد عدمها.
والثاني هو الاعدام بطريان الضد ، وقال به أبو علي الجبائي وابنه أبو هاشم ، فانهما قالا : ان كيفية الاعدام هو أن يخلق الله تعالى عرضا يسمى «الفناء» اذا وجد عدمت الجواهر بأجمعها ولا يبقى زمانين ، الا أن أبا علي قال : ان بإزاء كل جوهر فناء. وأبا هاشم قال : ان فناء واحدا يكفي في عدم الجواهر. ثم ان الاعراض تعدم بانتفاء الجواهر ، لانها شرطها ، وقد تقدم القول على هذا الكلام.
والثالث هو الاعدام بانتفاء الشرط ، واختلف القائلون به فيه : فقالت الاشعرية : الاعراض غير باقية ، وأن الله تعالى يجدد خلقها في كل آن ، واذا لم يخلق الاعراض التي هي شرط في الجواهر تعدم الجواهر. وقال القاضي في