وذهب آخرون الى أنه صفة ، لان اختصاص ذاته تعالى بصحة القدرة والعلم دون غيرها من الذوات لا بد له من مخصص ، وهو الحياة.
وقد بينا ضعف هذا القول في كتاب «نهاية المرام».
أقول : اتفق العقلاء على وصفه تعالى بالحياة ، واختلفوا في معنى ذلك فذهب الذين يقولون بزيادة الصفات على ذاته ـ وهم جمهور المعتزلة والاشاعرة ـ الى أن له تعالى صفة ثبوتية زائدة على ذاته هي الحياة ، لاجلها يصح أن يقدر ويعلم.
وذهب نفاة زيادة الصفات ـ وهم الحكماء وأبو الحسين البصري والمحققون ـ الى أنها صفة سلبية ، ومعناها أنه لا يستحيل أن يقدر ويعلم ولا شك أن هذا الوصف ثابت له تعالى ضرورة بعد ثبوت كونه تعالى قادرا وعالما. والحكماء فسروا الحي بأنه الدراك الفعال ، وهو قريب مما ذكرناه.
احتج الاولون بأنه لو لا اختصاص ذاته بما لاجله صح أن يقدر ويعلم لزم التخصيص من غير مخصص ، واللازم باطل فالملزوم مثله. بيان الملازمة : أن الذوات متساوية في الذاتية ، فاختصاص بعضها بصحة القدرة والعلم دون بعض تستدعي ذلك.
والجواب من وجوه : الاول : سلمنا أنه لا بد من مخصص ، لكن لم قلتم أنه زائد ، ولم لا يجوز أن يكون لخصوصية ذاته تعالى.
الثاني : سلمنا ذلك لكن ما ذكرتموه مبني على تساوي الذوات ، وهو ممنوع ، بل ذاته تعالى مخالفة لسائر الذوات كما يجيء بيانه.
الثالث : سلمنا تساوي الذوات ، لكن اختصاص ذاته تعالى بتلك الصفة دون باقي الذوات (١) ان لم يكن لمخصص لزم التخصيص من غير مخصص وهو
__________________
(١) فى «ن» الصفات.