لا يخلو عن أحد هذه الثلاثة ، فلو قدر الله تعالى على مثله لوصف فعله بالطاعة والسفه والعبث.
والاول يستلزم أن يكون له تعالى أمر وهو محال ، والاخيران قبيحان والقبيح مستحيل عليه ، فلا يقدر على مثل مقدور العبد ، وهو المطلوب.
والجواب : ان المثلين كما عرفت من قبل ، هما المتحدان في الحقيقة ، كحركة الحبل وحركة اليد ، فان حقيقة الحركة فيهما واحدة ، فالفعلان متوافقان في الحقيقة ، ولا يلزم من ذلك توافقهما في العوارض ، والطاعة والسفه والعبث أوصاف عارضة للفعل لا توجب له مخالفة ذاتية.
واعترض المحقق العلّامة نصير الدين القاشي (قدس الله تعالى روحه) على هذا الجواب ، بأنه لو كان مراد المستدل أنه لا يقدر على مثل فعل العبد مع صفاته التي لا يمكن وقوعه منه بدونها لا ينهض الجواب المذكور ، بل الجواب أنه ان أراد بالعبث ما ليس بطاعة منعنا عدم جوازه من الله تعالى ، فان أفعاله كلها كذلك ، وان أراد الفعل الذي ليس له غاية صحيحة شرعا وعقلا فالحصر ممنوع ، فان المباحات كلها ليست طاعة ، ولا عبثا ولا سفها بهذا التفسير ، سلمنا الحصر لكن لا نسلم أنه لا يقدر على الطاعة والسفه والعبث فانها ممكنة ، وكل ممكن مقدور له ، لكن الصارف يصرفه عن ذلك ، ولا يلزم من ذلك عدم القدرة.
[مذهب الجبائيان في عدم قدرته تعالى
على عين مقدور العبد]
قال : وخالف الجبائيان ، حيث حكما بأن الله تعالى لا يقدر على عين