الثالث : ان العلم تابع ، ولا شيء من التابع بمؤثر ، فلا شيء من العلم بمؤثر ، واذا لم يكن العلم مؤثرا لم يتغير الشيء عن امكانه الذاتي الى الوجوب أو الامتناع.
أما الصغرى فلانه مثال للمعلوم وحكاية عنه ومطابق له ، والاصل في المطابقة هو المعلوم ، فيكون العلم تابعا لوقوعه ووقوعه تابع للقدرة عليه.
وأمّا الكبرى فلان التابع متأخر ولا شيء من المؤثر بمتأخر ، فلو فرض مؤثرا لزم كونه متقدما متأخرا معا وهو محال.
وفي صغرى هذا الجواب نظر ، فانه انما يتم في العلم الانفعالي لا في غيره وعلم الله تعالى فعلي.
[مذهب الكعبى في عدم قدرته تعالى على
مثل مقدور العبد]
قال : وخالف الكعبي ، حيث زعم (١) أن الله تعالى لا يقدر على مثل مقدور العبد ، لانه اما طاعة أو سفه ، وهما مستحيلان عليه تعالى.
والجواب : أن الطاعة والسفه وصفان عارضان للفعل لا يوجبان له المخالفة الذاتية.
اقول : من المذاهب الباطلة مذهب أبي القاسم الكعبي ، ويقال له البلخي أيضا ، وهو أنه لا يقدر على مثل مقدور العبد ، واستدل على ذلك : بأن فعل العبد اما طاعة أو سفه أو عبث ، لانه اما أن يقع لغرض أولا ، والثاني عبث ، والاول اما أن يقع موافقا للاوامر الشرعية أولا ، والاول طاعة ، والثاني سفه ، ففعل العبد
__________________
(١) فى «ن» : حكم.