وحينئذ نقول : الغرض من التكليف اما أن يكون عائدا إليه تعالى أو الى غيره ، والاول محال ، لانه اما جلب نفع أو دفع ضرر ، وكلاهما مستحيل في حقه تعالى ، والثاني اما أن يعود الى المكلف أو غيره ، والثاني محال ، لان تعذيب شخص لنفع غيره قبيح ، والاول اما أن يكون جلب نفع أو دفع ضرر أو أمر آخر هو التعريض ، والاول والثاني باطلان ، فان الكافر الذي يموت على كفره مكلف ، مع أن تكليفه لا يجلب نفعا ولا يدفع ضررا ، فتعين الثالث وهو التعريض للنفع.
ثم ذلك النفع اما أن يصح الابتداء به أولا ، والاول محال ، والا لكان توسط التكليف عبثا ، فتعين الثاني : وذلك النفع هو الثواب ، أعني النفع المستحق المقارن للتعظيم والتبجيل ، وانما قلنا أنه لا يصح الابتداء به ، لاشتماله على التعظيم الذي لا يحسن الا لمستحقه ، ولهذا يقبح منا تعظيم الاطفال والارذال كتعظيم العلماء. وانما يستحق التعظيم بواسطة الافعال الحسنة وهي الطاعات واجتناب المعاصي ، ومعنى التعريض هو جعل المكلف على الصفات التي يمكنه الوصول الى الثواب [معها] وبعثه على ما به يصل إليه وعلم أنه سيوصله اذا ما كلفه به.
[كون التكليف واجبا على البارى تعالى]
قال : وهو واجب ، خلافا للاشعرية ، والا لكان الله تعالى مغريا بالقبيح والتالي باطل ، لان الاغراء بالقبيح قبيح ، والله لا يفعل القبيح.
وبيان الشرطية : أن المكلف فيه ميل الى فعل القبيح ونفور عن فعل الحسن فلو لم يقرر في عقله وجوب الواجب وتكليفه به وقبح القبيح وتكليفه بتركه ، لزم الاغراء بالقبيح.
أقول : ذهبت الاشعرية الى أن التكليف تفضل منه تعالى ، ان شاء فعله وان