وحينئذ لم يحصل العالم أزلا وان كانت شرائط المؤثرية أزلية ، مع أنا نقول : ان دليلكم هذا معارض بالحادث اليومي.
وتقريره أن نقول : الحادث اليومي موجود محدث ، فلا بد له من مؤثر ، فكل ما لا بد له منه في وجوده : اما أن يكون قديما أو حادثا ، فان كان قديما لزم قدم الحادث اليومي وهو محال ، وان كان حادثا لزم التسلسل ، فما هو جوابكم عن الحادث اليومي فهو جوابنا عن العالم.
[تعلق قدرته تعالى بجميع المقدورات]
قال : تنبيه : قدرته تعالى يصح تعلقها بجميع المقدورات ، خلافا لاكثر الناس. لان المقتضي لتعلق القدرة بالمقدور انما هو الامكان ، وهو ثابت في كل ما سوى الله تعالى ، فيصح قدرته تعالى بالجميع.
أقول : لما بين وجوب كونه تعالى قادرا ، شرع في حكم قدرته ، فقال : قدرته تتعلق بجميع المقدورات ، وهو مذهب الاشاعرة وجماعة من المعتزلة والامامية ، وخالف كثير من الناس [في ذلك].
فان الحكماء منعوا من قدرته على أكثر من الواحد ، وحكموا بأنه لا يصدر عنه بذاته الا شيء واحد ، وهو العقل ، وقد تقدم حجتهم على ذلك والجواب عنها.
وجماعة من المتكلمين ذهبوا الى سلب قدرته عن أشياء سيأتي ذكرها وذكر حججهم والجواب عنها مفصلة.
والدليل على ما ذكره المصنف من عموم قدرته هو أن نقول : ان ثبت كونه قادرا على بعض المقدورات وجب أن يكون قادرا على كل المقدورات ، لكن المقدم ثابت باعتراف الخصم ، فالتالي مثله في الثبوت.