من الآيات. وأما المقدمة الثانية فالاجماع على صدقه ووجوب العمل بمقتضى دلالته.
والجواب : ان ما ذكرتموه مناف للدلائل العقلية ، وكلما كان كذلك يجب تأويله.
أما الاولى فظاهر لما بينا من البراهين الدالة على استحالة الجسمية ولواحقها عليه تعالى.
وأما الثانية فلان النقلي والعقلي اذا تعارضا اما أن يعمل بهما ، وهو جمع بين النقيضين. أولا يعمل بهما ، وهو رفع للنقيضين ، أو يعمل بأحدهما ويطرح الاخر ، فلا جائز أن يعمل بالنقلي ويطرح العقلي ، لاستلزامه اطراح النقلي ، لان النقلي فرع العقلي ، لانه ما لم يثبت صدق المنقول عنه عقلا لم يكن ثم طريق الى تصديقه ، وحيث قد اطرح أصله لزم اطراحه بطريق الاولى ، فبقي أن يعمل بالعقلي ويؤول النقلى كما هو رأي أكثر المتكلمين.
أو تفويض علمه الى الله ، كما هو رأي أكثر السلف ، وحينئذ يجب تأويل الآيات المذكورة على وجه لا ينافي الدلالة العقلية ، وبيان ذلك مذكور في المطولات.
[استحالة قيام الحوادث بذاته تعالى]
قال : البحث الخامس ـ في استحالة قيام الحوادث بذاته تعالى : لان الانفعال ممتنع عليه ، فيمتنع عليه التغير ، فلا يمكن اتصافه بالحوادث. ولان علة هذا الحادث ان كان هو الله تعالى على سبيل الايجاب لزم قدمه ، وان كان على سبيل الاختيار لزم وجوده قبل وجوده ، لانه لا بد وأن يكون من صفات الكمال وان كان غير الله تعالى كان واجب الوجود مفتقرا الى الغير هذا خلف.