[احتجاج الاشاعرة على صدور القبيح منه تعالى]
قال : احتجوا بأنه تعالى كلف الكافر ، ولا وجه له في الحسن.
والجواب المنع من انتفاء الحسن ، فان تعريض المكلف للمنافع أمر مطلوب حسن ، وهو كما يثبت في حق المسلم يثبت في حق الكافر.
أقول : احتجت الاشاعرة على كونه فاعلا للقبيح بما تقريره : انه تعالى كلف الكافر الذي علم أنه يموت على كفره بالايمان ، وتكليفه به قبيح ، فيكون الله تعالى فاعلا للقبيح ، وهو المطلوب. أما الاول فظاهر.
وأما أن تكليفه قبيح فلوجهين :
الاول : أن من جملة القبائح عندكم هو أن يفعل الشخص بآخر ما فيه هلاكه مع علمه بذلك ، وهذا المعنى موجود هنا. فانه بتكليفه له بالايمان مع علمه بعدم صدوره منه موجب له عليه ، ومعاقب له على تركه وعقابه فيه هلاكه ، فقد فعل [به] ما فيه هلاكه ، وهو قبيح ، فيكون فاعلا للقبيح.
الثاني : أن تكليفه اما لفائدة أو لا ، والثاني عبث مستحيل عليه عندكم ، والاول اما أن يكون الفائدة النفع أو الضرر ، والثاني قبيح ، والاول اما أن يعود الى الله تعالى ، وهو محال ، أو الى الكافر وهو باطل ، لانه يعلم عدم وصوله إليه ، فيكون عبثا وهو قبيح ، أو الى غيره وهو قبيح أيضا ، لان ايلام زيد لنفع عمرو قبيح ، فقد بان أن تكليفه قبيح على كل تقدير.
والجواب : بالمنع من كون تكليفه قبيحا ، وما ألزمتموه غير لازم :
أما الوجه الاول : فهو أن تكليف الكافر تعريضه بما يوجب له الثواب ، وذلك حسن ، فمع مخالفته واستحقاقه للعذاب لا يصير ذلك الحسن قبيحا ، كما أن الطبيب اذا أشعر الانسان بما هو سم ومفني لحياته وما هو ملائم ومبقي