[بحث في الاسعار]
قال : والسعر هو : تقدير البذل فيما يباع به الاشياء. وهو رخص وغلاء ، فالرخص هو السعر المنحط عما جرت به العادة مع اتحاد الوقت والمكان ، والغلاء هو ارتفاع السعر عما جرت به العادة في الوقت والمكان.
وكل واحد منهما : اما من قبل الله تعالى ، أو من قبل العبد. فان كان السبب من الله فهما من الله ، وان كان من العبد فهما منه.
اقول : السعر هو تقدير البذل فيما يباع به الاشياء ، وليس هو نفس البذل ، لان البذل هو الثمن والمثمن ، ولا شيء منهما بسعر. وهو قسمان : رخص وغلاء.
فالرخص : هو السعر المنحط عما جرت به العادة ، مع اتحاد الوقت والمكان.
والغلاء : هو السعر المرتفع عما جرت به العادة ، مع اتحاد الوقت والمكان.
وانما اعتبرنا اتحاد الوقت والمكان ، لانه لا يقال : ان الثلج قد رخص سعره في الشتاء عند نزول الثلج ، لانه ليس أوان بيعه ، ويجوز أن يقال : رخص في الصيف اذا نقص سعره عما جرت عادته به في ذلك الوقت ، ولا يقال : رخص سعره في الجبال التي يدوم نزوله عليها ، لانها ليس مكان بيعه ، ويجوز أن يقال : رخص سعره في البلاد التي اعتيد بيعه فيها.
واعلم أن كل واحد من الرخص والغلاء قد يكون من الله تعالى اذا كان السبب منه ، كما اذا قلل جنس المتاع المعين وكثر رغبات الناس إليه ، فيقع الغلاء لمصلحة المكلفين أجمع ، أو بأن يرسل الجراد ويحبس الغيث ابتلاء للخلق. واذا كثر المتاع المعين وقلل الرغبات ، فيقع الرخص تفضلا منه ،