[حكم وعيد أصحاب الكبائر والكفار]
قال : الخامس : وعيد أصحاب الكبائر منقطع ، خلافا للمعتزلة.
لنا : قوله تعالى (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (١) فالمطيع بايمانه اذا عصى استحق ثوابا وعقابا ، فان داما لزم المحال ، وان انقطع الثواب لزم تأخير العقاب عن الثواب ، وهو باطل بالاجماع ، فتعين العكس. ولقوله تعالى (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) (٢).
أما الكفار فان وعيدهم دائم بالاجماع.
أقول : في هذا البحث مسألتان :
المسألة الاولى : في وعيد أصحاب الكبيرة ، والمراد بالكبيرة ما توعد الله عليها بالنار بعينه ، كالزنا والغضب واللواط وغيرها ، وعد منها سبعة ، وقيل سبعين.
قال ابن عباس : وهي الى سبعمائة أقرب غير أنه لا كبيرة مع استغفار ولا صغيرة مع اصرار. وقال بعض الاصحاب الذنوب كلها كبائر ، نظرا الى اشتراكها في المخالفة ، وانما سمي بعضها صغائر بالنسبة الى ما فوقها. فالقبلة المحرمة صغيرة بالنسبة الى الزنا ، وكبيرة بالنسبة الى النظر.
قال الاصوليون : ان الكبيرة والصغيرة يقالان اما بالإطلاق ، فالذنب الصغير هو ما نقض عقابه عن ثواب فاعله في كل وقت ، والذنب الكبير هو ما يزيد عقابه على ثواب فاعله في كل وقت. أو بالإضافة الى معصية أو طاعة فالذنب الصغير هو الذي ينقض عقابه عن ثواب تلك الطاعة ، أو عقاب تلك المعصية في كل وقت ، والكبير هو الذي يزيد عقابه عن ثواب تلك الطاعة ، أو عقاب
__________________
(١) سورة الزلزلة : ٧ ـ ٨.
(٢) سورة النساء : ٤٨.