تلك المعصية في كل وقت وقلنا في هذه الصورة في كل وقت ، لانه لو اختلف الاوقات لوجب التقييد ، فتخلف الاسماء حينئذ.
اذا تقرر هذا فاعلم أن المتكلمين اختلفوا في عقاب صاحب الكبيرة : فقالت الوعيدية وهم المعتزلة ومن تابعهم : ان عقابه دائم.
وقالت الاشاعرة والمرجئة وأصحابنا الامامية : انه منقطع ، وهو الحق ، واستدل المصنف (رحمهالله) على حقيته هنا بوجهين :
الاول : قوله تعالى (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) وتقرير الاستدلال : أن المطيع بايمانه اذا فعل معصية استحق ثوابا وعقابا ، لما تقدم من بطلان التحابط ، فاما أن يكونا دائمين أو منقطعين أو أحدهما دائما والاخر منقطعا ، والاول باطل لاستلزامه اجتماع الضدين ، والثاني يلزم منه المطلوب ضمنا ، والثالث اما أن يكون المنقطع هو الثواب ، وهو باطل بالاجماع ، فتعين انقطاع العقاب ، وهو المطلوب.
الثاني : قوله تعالى (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) (١) والكبيرة دون الشرك بلا خلاف ، وحينئذ نقول : سلب الغفران عن الشرك وأثبته لما دونه ، فدل على الفرق بينهما ، فلو كان عقابه دائما كعقابه لم يبق بينهما فرق ولم يكن لغفرانهما معنى.
احتجت الوعيدية : على قولهم بالآيات الدالة على تخليد الفاسق ، كقوله تعالى (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها) (٢) وقوله (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها) (٣) الى غير ذلك من الآيات.
__________________
(١) سورة النساء : ٤٨.
(٢) سورة النساء : ٩٣.
(٣) سورة النساء : ١٤.