بين قولنا فعل العدم ، وبين قولنا لم يفعل ، واذا كان وجودا فاما أن يستلزم عدم الجوهر أولا ، والاول هو الاعدام بالضد وقد تقدم بطلانه. والثاني لم يكن أعداما بل ايجادا ولا نزاع فيه.
قلنا : معنى الاعدام عدم التأثير في الوجود أو بقائه ، لا التأثير في العدم ، لان انقطاع تأثير الوجود مستلزم للعدم. وقولكم «لا فرق بين فعل العدم وبين لم يفعل» قلنا : ممنوع ، بل الفرق حاصل ، وذلك لان مفهوم فعل العدم تجدد العدم بعد الوجود ، ومفهوم لم يفعل بقاء العدم على ما كان ، فظهر الفرق.
[جواز انخراق الافلاك وانتثار الكواكب]
قال : ويجوز انخراق الافلاك وانتثار الكواكب ، لانهما ممكنة محدثة ، وهو واقع لاخبار الصادق عليهالسلام به.
اقول : خرق الافلاك وانتثار الكواكب جائزان واقعان ، خلافا للفلاسفة.
لنا على الجواز : أنها ممكنة فيجوز عليها العدم وزوال الصورة التركيبية وهو المطلوب ، ولانها محدثة فيكون تأليفها حاصلا بعد العدم ، فتكون ماهيتها قابلة للوجود والعدم ، ولا نعني بالانخراق وانتثار إلا زوال التأليف الحاصل بين هذه الاجزاء المركبة. وأما الوقوع فالنقل متواتر به كقوله تعالى (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) (١) (إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ) (٢) وغير ذلك من الآيات ، وهو كثير.
__________________
(١) سورة الانشقاق : ١.
(٢) سورة الانفطار : ١ ـ ٢.