ينفك عن (١) الحوادث فهو حادث.
أقول : من صفاته السلبية كونه تعالى ليس في جهة [من الجهات] ، خلافا للكرامية ، وهم أصحاب [أبي] عبد الله بن الكرام ، فانهم ذهبوا الى أن الله تعالى في جهة فوق ، فاختلفوا : فقال محمد بن الهيضم : أنه في جهة فوق العرش لا نهاية لها ، والبعد بينه وبين العرش أيضا غير متناه.
وقال بعض أصحابه : أن البعد بينهما متناه. وكلهم نفوا عنه باقي الجهات الخمس ، والباقون من أصحاب محمد قالوا انه على العرش ، كما قاله سائر المجسمة ، وبعضهم زعم أنه تعالى على صورة له مجيء وذهاب.
والدليل على بطلان مذهبهم وجهان :
الاول : أن الواجب تعالى ليس متحيزا ولا حالا في المتحيز ، وكل ما في الجهة متحيزا أو حال في المتحيز ، ينتج أن الواجب تعالى ليس في جهة. أما الصغرى فقد تقدم بيانها ، وأما الكبرى فمعلومة بالضرورة.
الثاني : ان الواجب تعالى ليس بحادث ، وكل ما في الجهة ، حادث ، ينتج أن الواجب ليس في جهة. أما الصغرى فظاهرة ، وأما الكبرى فلان كل ما في الجهة اما متحرك أو ساكن ، وهو ظاهر ، والحركة والسكون حادثان لما تقدم ، وكلما لا يخلو من الحوادث فهو حادث ، فكل ما في الجهة حادث.
[كونه تعالى ليس في مكان]
قال : وليس في مكان ، والا لكان مفتقرا إليه. ولان مكانه ان ساوى سائر الامكنة كان اختصاصه به تعالى مفتقرا الى مخصص ، وان خالفها كان موجودا (٢) لاستحالة الامتياز في العدمات ، فان كان حادثا لزم اما حدوثه تعالى أو حدوث
__________________
(١) فى المطبوع من المتن : الحادث.
(٢) فى المطبوع من المتن : والا لكان مخالفا لها ، فيكون موجودا.