المؤثر ليس بممكن كما قلتموه ، فيكون واجبا ، فيلزم أن يكون الواجب تعالى فاعلا للكل ، وهو يناقض مذهبكم في أن العبد فاعل.
والجواب بالتزامه ، فان المراد بالمؤثر في قولنا «لا شيء من الممكن بموجب لغيره» هو التام كما أشرنا إليه ، لا أنه ليس بمؤثر مطلقا ، وحينئذ جاز أن يكون مؤثرا ناقصا ، ولا يلزم أن لا يكون العبد فاعلا لفعله ولا مباشرا قريبا بالنسبة إليه ، اذ هو مؤثر ناقص لا مؤثر تام لتوقف فعله على وجوده وعلى الآلات والقدرة وغير ذلك ، والقائل بكون العبد موجودا لم يرد كونه تاما ، أي كافيا باستقلاله لوجوده أثره ، بل ارادته مباشر قريب وان لم يكن تاما.
[كون وجوده تعالى نفس حقيقته]
قال : ووجوده نفس حقيقته ، لانه لو كان زائدا عليها كان صفة لها ، والصفة مفتقرة الى الموصوف ، والمفتقر ممكن ، فيكون الوجود ممكنا وقد فرض واجبا ، هذا خلف. ولانه لو كان ممكنا لافتقر الى مؤثر.
فمؤثره ان كان حقيقة واجب الوجود : فاما أن تؤثر فيه وهي موجودة فيلزم الدور أو التسلسل ، واما أن تؤثر فيه وهي معدومة فيتطرق العدم الى واجب الوجود ، وهو محال ، لاستحالة تأثير المعدوم في الموجود.
أقول : اختلف الناس في وجود واجب الوجود تعالى هل هو نفس حقيقته في الخارج أو زائد عليها؟ فذهبت الاشاعرة الى الزيادة ، والحكماء والمحققون من المتكلمين الى أنه نفسها ، واختاره المصنف واستدل عليه بوجهين :
الاول : أنه لو لم يكن وجوده نفس ماهيته لزم امكانه ، واللازم باطل فالملزوم مثله ، بيان الملازمة : أنه لو لم يكن نفسها لكان زائدا عليها صفة لها لانه يقال ماهية موجودة ، والصفة مفتقرة الى موصوفها خارجا وذهنا ، أما خارجا