[كونه عليهالسلام أشجع الصحابة]
قال : الثامن ـ أنه عليهالسلام كان أشجع الصحابة حتى أن الفتوح بأجمعها كانت على يده ، ولم يبادره أحد الّا قتله. ووقائعه في الحروب [كثيرة] مشهورة لا تحصى كثرة. ولم يسبقه أحد تقدمه. ولا لحقه من تأخر عنه.
أقول : لما فرغ من بيان كونه أفضل من حيث العلم ، شرع [أن] يبيّن كونه أفضل من جهة الشجاعة وغيرها من خصائصه ، فقال : انه أشجع الصحابة ، وهذا باب البحث فيه إيضاح [للواضح] ، فان شجاعته عليهالسلام مما يضرب بها الامثال ، واعترف له أعداؤه ببلوغ الغاية فيها ، حتى أن كل شجاع إليه ينتمي.
فقد روي أن معاوية انتبه يوما ، فرأى عبد الله بن الزبير جالسا تحت رجليه فقال له : لو شئت أن أفتك بك لفعلت ، فقال معاوية : لقد شجعت بعدنا قال : وما الذي تنكر من شجاعتي ، وقد وقفت بالصف بإزاء علي بن أبي طالب ، قال : لا جرم أنه قتلك وأباك بيسرى يديه ، وبقيت اليمنى فارغة يطلب بها من يقتله بها.
وقال ابن قتيبة : ما صارع أحد قط الا صرعه ، وهو الذي قلع باب خيبر بيده وجعله جسرا ، واجتمع عليه عصبة من الناس ليقلبوه فلم يقدروا ، وكان يفتحه ويرده عشرون رجلا ، وقال : ما قلعت باب خيبر بقوة جسمانية بل بقوة ربانية واقتلع هبل من فوق الكعبة وكان عظيما جدا وألقاه الى الارض واقتلع الصخرة العظيمة أيام خلافته بيده بعد عجز الجيش كله ، وأخرج الماء من تحتها.
وبالجملة بلغ من القوة والشدة غاية لم يبلغ إليها أحد ، حتى قيل أنه كان يقط إلهام قط الاقلام. وبشجاعته العظيمة نال فضيلة أخرى كبرى ، وهي الجهاد حتى أن أكثر الفتوح كانت على يده بل كلها ، ولو لم يكن الا ضربته لعمرو