فيلزم انقلاب الحقيقة من الامكان الى الوجوب وهو محال ، أو لا لذاته فيكون جائز العدم بالنظر الى ذاته وهو المطلوب.
[لا يلزم من جواز عدم العالم وقوع عدمه]
قال : وهل يعدم أم لا؟ منع منه أبو الحسين وأتباعه ، والا لم يعد ، لاستحالة اعادة المعدوم عنده ، بل انما تتفرق أجزاؤه. ومن جوّز اعادة المعدوم حكم بعدمه ، لقوله تعالى (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) (١). وتأوله أبو الحسين بالخروج عن الانتفاع.
أقول : لا يلزم من جواز عدم العالم وقوع عدمه ، لان جواز عدم الشيء لا ينافي دوام وجوده ، ولذلك اختلف القائلون بجواز عدم العالم في أن ذلك الجائز هل يقع أم لا؟ فقال أبو الحسين البصري ومن تابعه في القول بعدم صحة اعادة المعدوم : ان ذلك الجائز لا يقع. وقال المجوّزون : ان ذلك يقع.
احتج أبو الحسين بأنه لو عدم لامتنع اعادته ، واللازم باطل فالملزوم مثله أما الملازمة : فلامتناع اعادة المعدوم ، وأما بطلان اللازم : فللاجماع على وجوب المعاد ولذلك فسّر أبو الحسين الاعدام الوارد بلسان الشرع بتفرق الاجزاء وخروجها عن الانتفاع.
واحتج المجوزون بوجوه :
الاول : قوله تعالى (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) ولا يكون هالكا اذا عدم.
الثاني : قوله تعالى (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ) (٢) وانما يكون أولا اذا كان
__________________
(١) سورة القصص : ٨٨.
(٢) سورة الحديد : ٣.