لحياته ، وأمره باجتناب الاول وفعل الثاني ، فانه يكون محسنا في حقه بذلك فاذا خالف المريض وفعل العكس من قوله لا يكون الطبيب مهلكا له.
وأما الثاني فنقول : ليس الغرض من التكليف حصول النفع ، بل التعريض لايصال الثواب ليتمكن من استحقاق الثواب بالفعل ، ولا يكون له عليه حجة ، وأما حصول الثواب بالفعل فهو غرض آخر مشروط باكتساب موجب الاستحقاق الذي هو الايمان والعمل الصالح ، وكفره من قبل نفسه لا من قبل الله تعالى.
[مسألة خلق الاعمال]
قال : البحث الرابع ـ في خلق الاعمال : ذهبت المعتزلة الى أن للعبد قدرة مؤثرة في الفعل الصادر عنه.
وذهبت الاشعرية الى أن المؤثر هو الله تعالى ، وأنه تعالى يخلق القدرة والفعل معا ، وليس للعبد فيه أثر البتة ، وانما للعبد الكسب لا غير.
لنا : أنا نعلم بالضرورة الفرق بين أفعالنا الاختيارية والاضطرارية ، ولا فارق الا القدرة. ولانه يحسن منا مدح المطيع وذم العاصي ، وذلك يتوقف على استناد الافعال إليهما. وهذا دليل على كون العلم باستناد الفعل إلينا ضروريا لا على العلم بالاستناد.
أقول : اختلف المتكلمون في الافعال التي تحدث عند قصودنا ودواعينا هل هي صادرة عن قدرتنا أو عن قدرة الله تعالى؟ فذهب جهم (١) بن صفوان الى أن لا مؤثر في الوجود الا الله ، وأن العبد ليس له فعل أصلا لا احداثا ولا كسبا وذهبت الاشاعرة والنجارية الى أن الافعال صادرة عنه تعالى ، وليس لاحد احداث فعل سواه ، وجعلوا للعبد الكسب ، واختلفوا في الكسب.
__________________
(١) الجهم : الكريه الوجه «منه».