ممنوع ، بل عند ارتفاع مطلق الداعي ووجوب الصوارف كلها ، وليس الامر كذلك فيما نحن فيه.
وفي هذا نظر : أما أولا فلان الفعل قبل الانضياف الى أحدهما لا يكون عين مقدور أحدهما ، بل كما يصح اضافته الى أحدهما يصح اضافته الى الاخر وحينئذ تتعلق قدرة كل واحد منهما بمثل مقدور الاخر لا بعين مقدوره ، وليس هو موضوع المسألة.
وأما ثانيا : فان الصارف ليس هو عدم الداعي ، بل كما أن الداعي معنى موجود في القادر بانضيافه الى القدرة ، يصير القادر سببا تاما لوجود المراد ، وكذلك الصارف معنى موجود في القادر بانضيافه الى القدرة ، يصير القادر سببا تاما لانعدام المكروه ، وعدم الداعي لازم له. ولما كان الحال كذلك فجعل أحدهما موجبا لما يتعلق به من دون الاخر تحكم.
بل الجواب : انه يقع فعل أقوى القادرين ، كما اذ أراد الله تعالى فعلا وكرهه العبد ، ومنع قوة القادر القوي القادر الاخر لا يخرجه عن قادريته ، اذ فعل القادر مشروط بعدم المانع.
[الدليل على أنه تعالى عالم]
قال : البحث الثالث ـ في أنه تعالى عالم : ويدل عليه أنه تعالى فعل الافعال المحكمة المتقنة ، وكل من كان كذلك فهو عالم. والمقدمتان ضروريتان.
ولانه تعالى مختار ، وكل مختار عالم ، اذ المختار انما يفعل بواسطة القصد والاختيار ، وهو مسبوق بالعلم بالضرورة.
أقول : لما فرغ من بحث القدرة شرع في بحث العلم ، واتفق العقلاء على كونه تعالى عالما ، وخالف في ذلك جماعة من الفلاسفة سيأتى البحث معهم وقبل الخوض في الدلالة على هذا المطلوب نبين المراد من كونه عالما.