بأشد الضرب فانه لا يطفره ، فانه فرق بين ما يقدر عليه وبين ما لا يقدر عليه ، وبشر لا يفرق.
الثاني : أنه يحسن منا ذم العاصي على عصيانه ومدح المطيع على طاعته ، ولا يحسن منا ذمه على سواد لونه أو قصره أو عماه ، ولا مدحه على حسن صورته وطوله ، وكون الكواكب مشرقة والفاكهة حلوة وغير ذلك ، وانما حصل ذلك للعلم باستناد الفعل الى المطيع والعاصي دون باقي المذكورات.
قوله «وهذا دليل» الى آخره ، اشارة الى جواب سؤال مقدر تقريره بوجهين :
الاول : أنك قلت أن العلم باستناد الفعل إلينا ضروري ، واستدللت على ذلك بما ذكرت من الوجهين ، فالضروريات لا يستدل عليها.
الثاني : أن يقال الدليل الثاني يلزم منه الدور ، فيكون باطلا ، بيان اللزوم ان العقلاء انما يمدحون العبد أو يذمونه اذا علموا أنه فاعل ، فلو استدللنا على العلم بأنه فاعل بذلك ، لزم الدور.
والجواب : أما عن الاول : فهو أن العلم حاصل بالمطلوب ضرورة ، لكن ضروريته غير ظاهرة ، وهذا دليل على ضروريته لا عليه ، وجاز أن تكون الشيء بديهيا والعلم ببداهته كسبي.
وأما عن الثاني : فانّا نستدل على أن علمنا بأنه فاعل ضروري ، لا على ثبوت العلم ، فلا دور.
[احتجاج المخالفين في خلق الاعمال]
قال : احتجوا بأن ما علم الله تعالى وقوعه وجب ، وما علم عدمه امتنع ، فلا قدرة. ولان الفعل حال استواء الداعي محال ، وحال الترجيح يجب الراجح ويمتنع المرجوح ، فلا قدرة. ولان العبد لو كان قادرا لكان ترجيحه لاحد الطرفين :