ان كان لا لمرجح انسد باب اثبات الصانع تعالى ، وان كان لمرجح فان كان من العبد تسلسل ، وان كان من الله تعالى فعند حصول ذلك المرجح يجب الفعل ، وعند عدمه يمتنع ، فلا يكون مقدورا.
والجواب عن الاول : أن الوجوب والامتناع لاحقان ، فلا يؤثران في الامكان الذاتي.
وعن الثاني : أن امكان الفعل من حيث هو هو ، لا باعتبار تساوي الطرفين ولا باعتبار الرجحان.
وعن الثالث : أن القادر يرجح أحد مقدوريه لا لمرجح.
ومع ذلك فهذه الوجوه عائدة في حقه تعالى ، وواردة على ما يعلم بطلانه بالضرورة.
أقول : لما فرغ من التنبيه على المذهب الحق شرع في ذكر شبهة المخالف والجواب عنها [وهي] من وجوه :
الاول : أن فعل العبد واجب الوقوع أو ممتنع ، ولا شيء من الواجب والممتنع بمقدور عليهما ، ينتج أن فعل العبد غير مقدور عليه. أما الصغرى فلانه اما معلوم الوقوع لله تعالى فيجب أن يقع ، والا لانقلب علمه تعالى جهلا ، أو معلوم الا وقوع فيمتنع أن يقع ، والا لزم انقلاب علمه تعالى جهلا ، فهو اما واجب أو ممتنع. وأما الكبرى فقد تقدمت.
الثاني : أن فعل العبد ممكن ، وكل ممكن حال استواء الداعي الى طرفيه يستحيل وقوع أحدهما ، فيفتقر الى مرجح ، فمع حصوله يجب الراجح ، ومع عدمه يمتنع ، ولا قدرة على الواجب ولا على الممتنع.
الثالث : أن العبد لو كان قادرا لكان ترجيحه لاحد الطرفين ـ أعني الايجاد أو الترك ـ على الاخر : اما أن يكون لمرجح أولا ، فان كان الثاني لزم الترجيح