الترجيح من غير مرجح ، وان لم يكن لمرجح غير العلة لم يكن ما فرضناه علة تامة علة تامة(١). هذا خلف.
أقول : قد عرفت أن العلة التامة ما هي ، وحينئذ نقول : يمتنع تخلف معلولها عنها ، والا لزم اما الترجيح بلا مرجح ، أو فرض ما ليس بعلة تامة علة تامة ، وكلا الامرين محال.
بيان الملازمة أن نقول : لو لم يوجد المعلول عند وجود العلة التامة لكان وجوده حين يوجد ، دون ما قبله من الاوقات ، وما بعده مع تساوي الاوقات بالنسبة إليه ، اما أن يكون متوقفا على مرجح أولا ، فمن الثاني يلزم الترجيح بلا مرجح وهو محال ، ومن الاول يلزم أن يكون ما فرض علة تامة غير علة تامة. هذا خلف.
[تبيين علة العدم]
قال : وعلة العدم عدم العلة.
أقول : لما كان الممكن لا يقتضي لذاته شيئا من الوجود أو العدم ، لتساويهما بالنسبة إليه ، أفتقر في اتصافه بأحدهما الى مرجح خارجي وذلك ضروري ، ولما بين علل الوجود شرع في تبيين علة العدم.
فقال : علة العدم عدم العلة أي في العقل ، مثلا اذا قيل لم كان المعلول الفلاني معدوما؟ أجيب بقولنا العدم علته ، ولا شك أن ارتفاع المعلول عند ارتفاع العلة الضروري ، واما أن ذلك الارتفاع هو معلل بارتفاع العلة بالذات أو بأمر آخر ملازم له.
فنقول : استدل المصنف على كون عدم العلة علة لعدم المعلول في بعض تصانيفه : بأن عدم المعلول حينئذ لا يجوز أن يستند الى ذاته ، والا لكان ممتنعا ، ولا
__________________
(١) هذا التكرار صحيح وغير موجود في المطبوع من المتن.