[اشتراك الوجود وأقسامه]
قال : البحث الثاني في أنه مشترك : الحق أنه كذلك ، لأنّا نقسم الوجود الى الواجب والممكن ، ومورد التقسيم مشترك بين الاقسام ، ولان النفي أمر واحد ، وهو نقيض الوجود ، فيكون الوجود واحدا ، لانه لو تعدد لم تنحصر القسمة في قولنا «الشيء اما موجود أو معدوم».
أقول : لو قدم هذا البحث على الذي سبقه كما فعله المحقق في التجريد ، لكان أنسب ، اذ يلزم من الاشتراك الزيادة بأدنى سهولة ، وإلا لزم اتحاد الماهيات بخصوصياتها ، [وهو باطل].
اذا عرفت هذا فلنذكر (١) هنا مقدمتين ، ثم نشرع في تقرير البحث :
(المقدمة الاولى) اعلم أن الاشتراك على قسمين : لفظي ومعنوي. أما اللفظي : فهو أن يكون لفظ واحد موضوع لمعان مختلفة ، كلفظة «العين» فانها موضوعة لعين الباصرة ، وعين الشمس ، وعين الذهب ، وعين الماء ، والركبة وعين الشيء أي نفسه ، الى غير ذلك من معانيها ، وهي معان مختلفة.
وأما المعنوي : فهو أن يكون معنا واحدا مشترك بين أمور كثيرة متخالفة كمعنى الحيوان فانه معنى واحد ، وهو الجسم الحساس المتحرك بالارادة ، موجود في الانسان والفرس والبقر والحمار وغيرها ، وهي أمور مختلفة ، فان المعنى المذكور للحيوان موجود في كل واحد منها ، فانه يصدق على كل فرد منها أنه جسم حساس متحرك بالارادة ، ومع مخصص الى ذلك المعنى المشترك يصير ذلك المجموع قسما من الاقسام المذكورة.
(المقدمة الثانية) اعلم ان المشترك باشتراك المعنوى قسمين :
أحدهما : يكون صدقه على أفراده بالسوية ، كالحيوان في المثال المذكور
__________________
(١) فى «ن» فلنقرر.