فان صدقه على أنواعه على سبيل السوية ، من غير أن يكون في بعضها أشد وفي بعضها أضعف ، أو في بعضها أقدم وفي بعضها أحدث ، الى غير ذلك. فهذا يسمى «متواطئا» أخذا من التواطؤ وهو التوافق ، لتوافق أفراده في كيفية صدقه عليها.
وثانيهما : أن يكون في بعضها أشد من بعض ، أو أقدم من بعض أو أولى من بعض ، كالبياض بالنسبة الى الثلج ، فانه أقوى وأشد منه في العاج ، وان اشتركا في معنى البياض ، وكالتحيز بالنسبة الى الجوهر ، فانه أقدم منه بالنسبة الى العرض. ويسمى هذا القسم «مشككا» لان الناظر فيه ان نظر الى جهة الاختلاف أو همه الاشتراك اللفظي.
وان نظر الى جهة الصدق أو همه التواطؤ فيشكك ، فسمي مشككا. ومن لوازم هذا القسم أن لا يكون ذاتيا لما تحته ، كما هو مقرر في مظانه.
واذا تقررت هذه المقدمات (١) فاعلم : أنه قد اختلف في الوجود هل هو مقول بالاشتراك اللفظي أو المعنوي؟ فذهب أبو الحسين البصري وأبو الحسن الاشعري الى الاول ، لان وجود كل ماهية هو نفسها ، فليس هناك زائد حتى يكون مشتركا ، فان كان يقع شيء من المشاركة فذلك في اللفظ (٢) لا غير ، وقد عرفت ضعف حجتهم في ذلك.
وذهب الحكماء وأبو هاشم وأصحابه من المعتزلة وجمهور الاشاعرة الى الثاني. ثم هؤلاء اختلفوا : فقال (٣) الحكماء هو مقول بالتشكيك على ما تحته من الموجودات ، وقال أبو هاشم وأتباعه وأثير الدين الابهري هو مقول بالتواطؤ
__________________
(١) فى «ن» : المقدمتان.
(٢) فى «ن» : اللفظى.
(٣) فى «ن» : وقالت.