ولما توقف ذلك على معرفة الاشخاص الانسانية ـ اذ الحكم على الشيء بدون تصوره محال ـ قدم البحث عن ماهية الانسان ما هي؟.
[تحقيق حول حقيقة الانسان]
قال : البحث الاول ـ في حقيقة الانسان : اختلف الناس في ذلك اختلافا عظيما ، وتعددت مذاهبهم واضطربت آراؤهم في ذلك. وقد بينا أكثر حججهم في كتاب «المناهج» ، واستقصينا ما بلغنا من أقاويل العلماء في ذلك في كتاب «النهاية». ولنقتصر في هذا المختصر على المشهور ، وهو مذهبان :
الاول : ما ذهب إليه أكثر المتكلمين : من أن الانسان عبارة عن أجزاء أصلية في البدن من أول العمر الى آخره ، لا يتطرق إليها الزيادة والنقصان.
والثاني : مذهب الاوائل : وهو أن الانسان عبارة عن جوهر مجرد متعلق بهذا البدن تعلق العاشق بمعشوقه.
واستدل الاولون : بأن كل عاقل يحكم على ذاته بالعقل والاتصاف بالعوارض النفسانية من غير أن يشعر بذلك المجرد.
واحتج الآخرون : بأن هاهنا معلومات غير منقسمة ، فالعلم بها غير منقسم فمحل العلم غير منقسم ، وكل جسم و [كل] (١) جسماني منقسم. ينتج : أن محل العلم ليس جسما ولا جسمانيا.
فههنا أربع مقدمات :
الاولى : ثبوت المعلوم غير منقسم (٢) ، وهو ظاهر فانا نعلم واجب الوجود تعالى ، وهو غير منقسم. ولان المعلوم ان كان بسيطا فهو غير منقسم [فقد ثبت
__________________
(١) لم تثبت فى «ن».
(٢) فى المطبوع من المتن : المنقسم.