فان كان الثاني يلزم كونه تعالى جاهلا.
وان كان الاول لزم احتياجه تعالى إليه ، اذ لو لم يكن محتاجا إليه لما صدر عنه ، لان الغني عن الشيء العالم بقبحه لا يفعله اذا كان حكيما ، والباري تعالى حكيم فلو وقع منه لما كان ذلك الا لحاجة إليه ، فقد بانت الملازمة.
وأما بطلان محالية اللازم فلما يأتي من الدلالة على كونه تعالى عالما بكل المعلومات غني عما عداه.
والجواب : لا يلزم من كون الشيء مقدورا أن يكون واقعا ، لجواز كون الشيء ممكنا لذاته غير واقع ، والجهل والحاجة المذكوران لا زمان لوقوع القبيح لا لمقدوريته ، فان الواحد منا قادرا على القبيح ولا يقع منه ، لعدم الداعي إليه ، نعم يمتنع وقوع القبيح منه تعالى ، لاستلزامه الجهل أو الحاجة المستحيلان عليه.
قوله «والامتناع من حيث الحكمة» اشارة الى جواب سؤال مقدر تقريره : ان صدور القبيح اذا كان ممتنعا منه تعالى كما ذكرتم لا يكون قادرا عليه ، اذ لا شيء من الممتنع بمقدور.
أجاب بأن القبيح له اعتباران : أحدهما بالنظر الى ذاته ، وثانيهما بالنظر الى حكمته تعالى ، فالاول هو ممكن ، وبهذا الاعتبار يكون مقدورا ، وبالثاني هو ممتنع وامتناعه من حيث الحكمة لا من حيث كونه ممتنعا في نفسه.
[مذهب العباد في عدم قدرته تعالى على خلاف معلومه]
قال : وخالف عباد ، حيث حكم بأن ما علم الله تعالى بوقوعه فهو واجب ، وما علم بعدمه فهو ممتنع ، ولا قدرة على الواجب والممتنع.
والجواب : أن العلم بالوقوع تابع للوقوع ، فلا يؤثر في امكانه الذاتي.