وهذا خطأ فانا نحس بالبياض لا باعتبار مخالطة الهواء للاجسام الشفافة ، فان بياض البيض قبل سلقه شفاف ويخالطه الهواء ، مع أنه لا يحس فيه ببياض ثم بعد سلقه يخرج الهواء منه ويكشف ويرى له بياض.
ان قلت : لم لا يجوز أن يكون حال سلقه مختلط به أجزاء هوائه يتخلل من الرطوبات ويخالطه فيحدث البياض.
قلت : لو كان كما زعمت لكان بعد السلق أخف ، لتحلل أجزائه منه ، والامر بالعكس فانه بعد سلقه يثقل.
[تعريف الضوء والظلمة]
قال : والضوء كيفية يكون الجسم به مستنيرا (١) : اما من ذاته كما في الشمس أو من غيره كما في المستضيء بنور غيره.
والضوء شرط لكون اللون مرئيا لا لوجوده ، كما ذهب إليه بعضهم.
والظلمة عدم الضوء عما من شأنه أن يكون مضيئا.
أقول : ذهب قوم الى أن الضوء جسم ينفصل عن الاجسام ويتحرك ، كالضوء المتحدر عن الكواكب. وهو خطأ ، فانه لو كان جسما لكان اما محسوسا أو غير محسوس ، والثاني باطل ، لان الضوء محسوس قطعا ، وكذا الاول أيضا باطل ، لانه كان يجب أن يستر ما تحته ، فيكون الاكثر ضوء أكثر خفاء ، والامر عكس ذلك. بل الحق أنه عرض ، وهو محسوس بحس البصر ، فلا يفتقر الى تعريف.
وقد يقال فيه لا على أنه تعريف بل شرحا لاسمه : انه كيفية يكون الجسم بها ظاهرا ، فان كان هذا الظهور للشيء من ذاته كالشمس والنار سمي «ضوءا»
__________________
(١) فى «ن» : مستترا.