الحمرة والخضرة والصفرة بسائط ، ونفى قوم البياض ، وهو خطأ ، فانا نشاهده لا باعتبار ممازجة الهواء للاجسام (١) الشفافة ، كما في بياض البيض المسلوق.
أقول : من الاعراض المشتركة اللون ، وهو من المدركات بحسب البصر فلا يفتقر الى تعريف. وقد ذهب قوم من الاوائل غير محققين الى أن الالوان لا حقيقة لها في الخارج ، بل البياض يتخيل من مخالطة الهواء للاجسام الشفافة والسواد يتخيل من اكتناز (٢) أجزاء الجسم وعدم غور (٣) الضوء فيه. وأطبق المحققون على بطلان قولهم فانه مكابرة في الضروريات. وأثبت قوم السواد خاصة دون البياض.
والمحققون من الاوائل أثبتوا السواد والبياض أصلين بسيطين ، والبواقي من الالوان المركبة منهما بحسب الزيادة والنقصان. وقال آخرون : ان اصول الالوان ـ أي بسائطها ـ خمسة : السواد والبياض والحمرة والصفرة والخضرة والبواقي مركبة منها. وبه قال أبو هاشم. ونفى قوم الصفرة من البين وقال : انها مركبة من الحمرة والبياض.
وقال المصنف ـ رحمهالله ـ في المناهج : ان بساطة هذه الالوان وتركيبها مما لا يمكن الاطلاع عليه ، فاذن الاولى الوقف. أما الذين نفوا البياض فبينوا كيفية تخيله ، بأن الهواء تحمل الضوء الى أجزاء شفافة صغار فيقع على سطوحها ويتعاكس [من] بعضها الى بعض فيتخيل البياض وليس به ، ومثلوه في الزجاج المسحوق فانه قبل سحقه ليس بأبيض فاذا سحق (٤) أبيض ، وكذا زبد البحر والبلور.
__________________
(١) فى المطبوع من المتن : للاجزاء.
(٢) اكتنز : امتلا ـ اجتمع.
(٣) أى تعمق النظر. يقال : عرفت غور المسألة ، أى حقيقتها.
(٤) فى «ن» : انسحق.