أقول : هذا تقسيم للموجود الخارجي الى الواجب والممكن ، وتقريره أن [نقول :] الموجود الخارجي اما أن يكون وجوده من ذاته أولا ، فالاول هو الواجب الوجود لذاته ، والثاني هو الممكن. وفائدة قيد «لذاته» في الواجب ، ليخرج الواجب بغيره ، فانه ممكن لذاته ، كوجوب وجود المعلول عند وجود علته التامة.
والمعدوم أي الخارجي اما أن يكون عدمه لذاته أولا ، فان كان الاول فهو الممتنع الوجود لذاته ، كشريك الباري تعالى ، والثاني هو المعدوم الممكن الوجود ، كالمتجددات من الحوادث اليومية شيئا فشيئا. وفائدة «لذاته» في الاول ، ليخرج الممتنع لغيره ، كعدم المعلول عند عدم علته التامة ، فانه ممكن لذاته ممتنع لغيره.
[انحصار ثبوت المعدوم الممكن فى الذهن]
قال : ولا ثبوت له إلا في الذهن ، اذ لا فرق بين الثبوت والوجود عند العقل ومن جعلهما أمرين متغايرين فقد كابر مقتضى عقله.
أقول : يشير بذلك الى القسم الثاني من أقسام المعدوم ، أعني الممكن ، فانه لا ثبوت له الا في الذهن لا غير ، لما عرفت من الحصر الضروري ، فان الحاصل عن ذلك ، أنه لا فرق بين الثبوت والوجود عند العقل ، فلو كان المعدوم ثابتا في الخارج لكان موجودا فيه ، هذا خلف.
قوله «ومن جعلهما» اشارة الى مذهب المشايخ المعتزلة المتقدمين كأبي علي وابنه واتباعهما ، فانهم جعلوا الثبوت أعم من الوجود والعدم ، وهما أخصان تحته. فعندهم أن المعدوم ثابت حالة العدم خارج الذهن.
واتفقوا على أن الذوات المعدومة متباينة بأشخاصها ، وأن الثابت من كل