والنفاق : اظهار الايمان وابطال الكفر.
وليكن هذا آخر ما قصدته في هذه المقدمة. ومن أراد التطويل فعليه بكتابنا الكبير المسمى ب «نهاية المرام في علم الكلام». ومن أراد التوسط فعليه بكتابنا «منتهى الوصول» و «المناهج» وغيرهما من كتبنا.
والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على خير خلقه محمد وآله الطاهرين.
أقول : لما ذكر الثواب والعقاب والعقاب منه دائم ومنه منقطع ، شرع في بيان أسباب هذه الاقسام ، وقال : البحث العاشر في الاسماء والاحكام ولم يذكر في هذا البحث سوى الاسماء ، لكن الاحكام يمكن معرفتها ضمنا مما سبق ، وقد ذكر في هذا البحث أربعة أسماء: الايمان ، والكفر ، والفسق ، والنفاق.
الاول : الايمان ولا شك أنه في اللغة التصديق قال الله تعالى (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا)(١) أي بمصدّق. وأما في الاصطلاح فقد اختلف في تفسيره على أقوال :
الاول : قالت الكرامية : انه الاقرار بالشهادتين ، لقوله عليهالسلام «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله الا الله محمد رسول الله» (٢).
والجواب : أنه هنا هو الاسلام ، وهو غير الايمان ، اذ هو أعم منه لقوله تعالى (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا) (٣) ولذلك أشار عليهالسلام في تمام الحديث المذكور الى أنه الاسلام لقوله «فاذا قالوا ذلك حقنوا مني دماؤهم وأموالهم الا بحقها وحسابهم على الله» (٤)
__________________
(١) سورة يوسف : ١٧.
(٢) صحيح مسلم : ١ / ٥٢ كتاب الايمان.
(٣) سورة الحجرات : ١٤.
(٤) صحيح مسلم : ١ / ٥٣.