الثاني : قال جهم بن صفوان وأبو الحسن الاشعري وبعض الامامية : انه المعرفة ، لما ورد «أن أول الدين معرفته».
وفي هذا نظر : لانه لو كان المعرفة فقط لم يقل سبحانه (فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ) (١) وكذا قوله (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ) (٢) وكذلك قول موسى لفرعون (لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٣) فأثبت في هذه الآيات [المعرفة] ونفى الايمان ، فلا يكون هي الايمان.
الثالث : قال أبو علي الجبائي وابنه : انه فعل الواجبات وترك المحرمات ، لظواهر آيات وأخبار تدل على ذلك.
الرابع : قال قدماء المعتزلة : انه عمل الجوارح من أنواع الطاعات واحتجوا على ذلك بأن فاعل المحرم (٤) وتارك الواجب يخزى ، ولا شيء من المؤمن يخزى ، ينتج من الشكل الثاني : لا شيء من فاعل المحرم وتارك الواجب بمؤمن ، وهو المطلوب.
وأما الصغرى : فلان أحد أقسام قاطع الطريق هو من يدخل النار لقوله تعالى (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ) (٥) وكل من يدخل النار يخزى لقوله تعالى (رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ) (٦). وأما الكبرى
__________________
(١) سورة البقرة : ٨٣.
(٢) سورة النمل : ١٤.
(٣) سورة الاسراء : ١٠٢.
(٤) فى «ن» : الحرام.
(٥) سورة المائدة : ٣٣.
(٦) سورة آل عمران : ١٩٢.