البغداديون منهم ، وأنكره الباقون. واختلف الاولون : فقال بعضهم : لا يثبت الاستحقاق الا في الآخرة ، وهو اذا وافى العبد بالطاعة سليمة الى الآخرة. وقال بعضهم : تثبت في حال الموت ، وهو اذا وافى العبد بها الى الموت. وقال بعضهم : بل يستحق الثواب حال الطاعة بشرط الموافاة ، وهو أن يعلم الحكيم أنه لا يحبط الطاعة الى حال الموت ، ولا يندم (١) على المعصية.
والمصنف (رحمهالله) قال : ان الثواب مشروط بالموافاة ، واستدل عليه بقوله تعالى (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) ووجه الاستدلال أن العمل الذي يتعقبه الشرك لم يقع باطلا في أصله لوجهين :
الاول : أنه علق بطلانه على الشرك ، فلا يكون باطلا قبله.
الثاني : أن الجملة مركبة من الشرط والجزاء ، وانما يقعان في المستقبل.
واذا لم يكن باطلا في أصله كان صحيحا حينئذ ، وهو علة في استحقاق الثواب [مطلقا] على ذلك التقدير ، فاما أن يكون سقوطه لذاته ، أو للكفر المتعقب ، أو لعدم الموافاة ، والاول باطل والا لما كان معلقا ، وكذا الثاني لما يأتي من بطلان التحابط ، فتعين الثالث وهو المطلوب ، فيكون بطلانه عدم الاتيان بشرط الاستحقاق الذي هو الموافاة.
[مسألة الاحباط والتكفير]
قال : الرابع : في الاحباط والتكفير : أثبتهما جماعة من المعتزلة ، ونفاهما جماعة من المرجئة والامامية والاشعرية.
لنا : لو ثبتتا لزم أن يكون من فعل احسانا واساءة متساويين بمنزلة من لم يفعلهما ، ولو زاد أحدهما بمنزلة من لم يفعل الاخر. وهو باطل قطعا ، لان الثواب
__________________
(١) فى «ن» : يقدم.