البقاء اما أن يكون باقيا بالبقاء الاول أو ببقاء آخر ، فان كان الاول لزم الدور وهو محال ، وهو اللازم الثاني.
وان كان باقيا ببقاء آخر نقلنا الكلام إليه ويلزم التسلسل ، وهو اللازم الثالث.
وان كان باقيا لذاته لزم كون البقاء ذاتا ، لان ذاته كافية في استمرار وجودها والذات ليست كافية في استمرار وجودها ، فتكون الذات أولى بالوصفية ، والوصفية أولى بالذاتية ، فيلزم انقلاب الحقيقة ، وهو اللازم الرابع.
[مسألة نفى المعانى والاحوال]
قال : البحث الثاني ـ في نفي المعاني والاحوال : ذهبت الاشعرية الى أنه تعالى عالم بالعلم ، قادر بالقدرة ، حي بالحياة ، الى غير ذلك من الصفات.
والمعتزلة أنكروا ذلك ، وزعموا أنه تعالى عالم لذاته لا بمعنى قائم بذاته وكذا باقي الصفات ، وهو الحق.
لنا : أنه لا قديم سواه تعالى ، لان كل موجود فهو مستند إليه تعالى ، وقد بينا أنه مختار ، وفعل المختار محدث. ولانه لو افتقر في كونه عالما وغيره الى معان قائمة بذاته ، كان مفتقرا الى الغير منفعلا عنه ، لان هذه المعاني ـ وان قامت بذاته تعالى ـ فهي مغايرة له والله تعالى لا ينفعل عن غيره. ولان صدور العلم عنه يستدعي كونه عالما ، [لانه مشروط] (١) فيكون الشيء مشروطا بنفسه أو يتسلسل.
وأما الاحوال التي أثبتها أبو هاشم فانها غير معقولة. وقد استقصينا (٢) القول
__________________
(١) لم تثبت هذه الجملة في المطبوع من المتن.
(٢) فى المطبوع من المتن : اشبعنا.